محمد جميز - كراسة الأول...

يفتش في قاموس وحدته، عله يقابل مفردة تسطر غصة قلبه. أصابه الملل من فنجان قهوته الذي يضعه دائما كطوبة لبنة في جدار أحزانه. ألم يأن لهذا العبث أن ينتهي ؟

كان سعيدا جدا تلك الليلة، زفرت أنفاسها على صفحة وجهه، هرب قلبه من بيته واحتضنها، عاد منتشيا إلى قطته وأسر إليها بالسر الكبير، ماءت القطة مواء حزينا ثم سكنت، لم يعبأ لحالها، فقد كان منشغلا في كتابة قصيدة فرح ..

الحب الذي لا يحمل تذكرة العودة يموت مبكرا، كان قلبه في رحلة ذهاب دائما، يزرع الضحكات في كل المحطات التي مر بها، ولا يلق بالا لأقدامه الدامية، وينتهي إليها، ويهديها مستقبلا آمنا، ومن بعيد يبكي القمر لحاله، وتعوي الذئاب..

كان والده يحتفظ بكتبه الدراسية القديمة، وهو كلما اشتاق إلى أبيه، يزورها ويشتم رائحته حتى يشبع، هذه المرة لاحظ شيئا مكتوبا على غلاف كراسة الأول، ومن ينسى هذه المراجعة النهائية لموادنا الدراسية إبان المرحلة الابتدائية، كان خط والده الراحل، وكانت جملة قاتلة. وكأنه يسمعه يهمس: " جرب أن تتألم، وانتظر، هل ستقطع تذكرة العودة وتزورك؟ " .

اقشعر جسده، ونظر إلى قطته التي استمرت في المواء الحزين المتقطع !!

محمد جميز

تعليقات

أعلى