ديوان الغائبين ديوان الغائبين : منير بولعيش - المغرب - 1978 - 2010

من مواليد طنجة العام 1978، أصدر ديواناً وحيداً بعنوان «لن أصدِّقك أيتها المدينة» (مطبعة سليكي إخوان، المغرب، 2009).

القصيدة خرجت إلى الشارع

القصيدة قد خرجت إلى الشارع
فمن سيوقف هذا الطوفان !؟/ من يوقفني !؟
القصيدة التي خرجت إلى شارع باستور
كم تشبهني
أنا الذئب الذي يقتات على الجثث المتحلّلة.
القصيدة التي خرجت إلى بار البريد
غافلتني
و عانقت بائع الملابس الدّاخلية الرّثّة
و قبّلت بائع التبغ الذي يسرح شعره
بعناية
و يبيعني السّجائر المهرّبة
بالتقسيط المريح
القصيدة التي خرجت إلى البولفار
لم تجد امرأة تتغزّل بها
فارتمت في حضني و نامت
القصيدة التي خرجت إلى زنقة الشياطين
تضمر بروقا نائمة
و ثورة بركان يأخذ قيلولته في ساحة الأمم
القصيدة التي خرجت إلى الشوارع الخلفية
لوحت بشارة النصر إلى هيراقليس
الذي كان يقرأ دوره فـي الإلياذة
و يصرخ: (هل هذا أنا ؟ !)
القصيدة التي خرجت إلى الشارع
أخلفت موعدها مع العربي اليعقوبي
القصيدة التي تشبهني…
القصيدة التي تشبه محراث (جوزي بوفيه)
القصيدة التي تخرج إلى الشارع...
القصيدة التي تسكن في الشارع...
القصيدة التي...
القصيدة التي خرجت إلى شارع الحرية
خرجت و لم تعد !!

حكاية الأميرة التي لا تبدأُ بـ...

لا... لن أطيل الحديث عن سالومي، عن الهرّة القمحيّة اللّون، الشّقراء الرّوح كرغوة البيرة المهرّبة من سبتة، المسافرة كبطاقات الميلاد إلى خراب سدوم، حيث انقطعت أخبارها و ضاع أثرها كمصباح علاء الدين، كقافلة علي بابا، كقصيدتي التي تتردّد في الدّخول إلى فردوس الميديا حيث تسريحة الشّعراء لا تختلف كثيرا عن ابتسامة نجوم الأغلفة يغنّون لمراهقات الصّف الثّاني في مدرسة:American Beauty، سالومي: جبل الشهوة المتمدّد على كتل الإسمنت، على إسفلت طنجة الصّلب الصّلب الصّلب كذاكرتي... تعرف... الحديث عن النّساء دائما مكرّر لكنه ضروريّ كحقن المورفين، كأغنية Joaquin Sabina الأخيرة (هل سمعتها !؟)، كديوان بابلو نيرودا الذي بحثنا عنه معا في:
Librairie des Colonne
دونما جدوى، لأن طنجة كانت دائما ما تعاند سالومي في قراءة قصيدة حـبّ لبابلو نيرودا، تعاند سالومي في الحبّ، تولم ليلها رجالا عابرين تخونهم عند الصّباح، و تترك أسرّتـهـم فارغة إلاّ من هبوب عطرها الرخيص و رائحة إبطيها القويّة، كان عليك أن ترى سالومي، أن تحبّها ببنطال الرّعاة الممزّق عند الرّكب، بذيل الفرس الجامح كريح الشرقيّ، كان عليك أن تحبّها مثل مردة القصيدة الذين يخطؤون في تقدير قيمة ملابس ال hip hop المقدسة... و لا يميزون بين فصول السنة، لا يحفظون أسماء الشوارع... و يضلّون الطريق دائما إلى café de paris حيث يشربون قهوة الصّباح كلّ يوم !! نعم...الحديث عن سالو... يؤشّر على الجراحات الطازجة... على ندب الحـبّ... على اللّحم الحـيّ لكارلو جولياني، على الرّصاص الحيّ المشحون في جمجمة كارلو جولياني، على البلدوزر الذي محق فراشات راشيل كوري البلّورية، (هل خرجت عن الموضوع؟) لا... لم أبتعد كثيرا، لأن سالومي (أقصد المرأة الحديدية) كانت تحبّ كارلو جولياني، ملامحها تشبه روح راشيل كوري الناضجة كالخريف، لا...أنا لن أتوقف... لأني لم أحدثك بعد عن سالومي، لم أحك لك كيف كانت تصنع لفائف الحشيش، كيف كانت تشرب البيرة و تحكي عن ثورة ماي 68 بدون ملل أو أمل.دعني أحكي لك كيف كنت أحبّها في السّر، كيف كانت تحبّني في السّر، كيف كانت تسألني عن حبيباتي، و كيف لم أسألها عن عُنّـة الرّجال العابرين الذين تتقن خيانتهم عند الصباح و تورثهم أسرّة فارغة إلا من المحارم الورقيّة و الواقي الذّكريّ المتقطّر كدموعها، لم أحكي لك بعد عن سالو...، عن الشفاه المحروقة بتبغ gitanes، عن الشعارات المرفوعة في مظاهرات الأناركيين في برشلونة، عن وقفات الإحتجاج مع الحركات النّسوية، لم أحكي بعد عن...، عن سمكة القرش الفالتة، عن الكوكب الغاضب على المنظومة الشّمسية، عن لفائف الماريجوانا في مقهى الحافة، لم أحك بعد حكاية الأميرة التي لا تبدأ أبداً ب (كان يا ما كان...).

9-12-2008

***

آدم كائنا من كان... آدم ليس إلا...

رقيم القناع:

أتدخر
ما يكفي من الصفاقة ؟؟
كي تجلس وجها لوجه
أمام كأس الشاي و قطعة المدلين
و تشرع ــ كمثل الروائي ــ
في افتعال النكوص
معبأ بالتداعي النوستالجي
و قناع ميثولوجي
أتقن مثلك لعبة القفز
فوق السياج...
تتقمصه / يتقمصك
كيما لا تعرف أيكما أنت
(القناع أم أنت ؟ !)
و أيكما
يمنح للآخر ذاكرة ؟
كي يعيش في الزمن الضائع
بسلطة الذكريات
أعرف: التنفس في الأسطورة
أقدر على الخلود
فلتتأسطر...
و لتتذرع بنشيدك الطفولي: قافلة تمر
ــ لست قافلة
أنا آدم كائنا من كان…
آدم ليس إلا...

رقيم المقامرة:

1

آدم
شد هذا العالم
من أذنيه
اسحبه سحبا إلى طاولة
القمار
و العب بكل شيء
كي تكسب كل شيء: (اللاّشيء )
إلعب حد إفلاسك
أو إفلاسه

2

أيها العالم
كن مقامرا على مستوى
قصيدتي
على مستوى شاعر
خامل الذكر
لا يدعي النبوة...
و لا يلعب دور الجنرال...

رقيم العزف المنفرد:

مرة أخرى...
أيها المفرد في الكناية
تخطئك الأمكنة / الأزمنة
لا أنت من نسل الشمال
لا أنت من صلب الجنوب
لا و لا أنت بين بين
تذريك رياح الجنون
تلمك رياح الرحيل
و ها أنت: نخلة رفض
لا تعبأ بالسحاب: يمطر
أو لا يمطر
يعمدك نسغ من دماء
الأحبة
هاربين كوكبا... كوكبا...
و سلواك: دُورية هتك
تخدش الغسق صداحا و نشيدا...

رقيم الهوية:

بعيدا عن السرب
ألقن الآخرين أنشودتي
و أقفز على النائمين
دونما حلم
يقض طوطم الخرافة
هكذا أرمي الرسائل
بعيدا
عن المشهد الأجرد
أفك جني الكلمات الرافضة
من القمقم البارد
أحتمي بمعطف الغاضبين
و أصرخ: (أسعفيني يا أبجدية الهتك...
يا مداد الطلائع القادمة...
يا زوابع الكلام...
و لقنيني حكمة الفراشات
حبلى
بربيع يخصب الأرض)

رقيم النكوص:

أتأخذ اسمك مني ؟
و تتركني في مهب رصيف
بارد
أبكيك مرة ومرة...
أنا لم أخنك كثيرا: الطبشور
بيدي
و الحائط الجديد ذات الحائط
القديم: ــ آدم يعشق امرأة
ــ أدم زين البسيطة
ــ آدم يسرق تفاح الحديقة
ــ آدم... آدم... آدم...
الحائط ذات الحائط
و الطبشور يخدش حياء
الجنة
و يمعن في الفضيحة و الهتك

رقيم الرغبة:

و يأتي
بشهوة ذئب يعوي
بين المسافات
لسع الرغبات يتوج جسدين
أنهكتهما الصحراء
تساقط ورقات التوت
و آدم (الاهث خلف التفاصيل )
ي
ن
ز
ف
على بينة من الرخام
و يودع السر في قرار
مكين
الآن تبدأ مواسم المد / الجزر
عواصف الماء
لا عاصم اليوم...
لا عاصم اليوم...
من كل فج عميق: الماء... الماء... الماء...
من كل فج: ــ يتفجر نسغ الخصوبة
ــ تكتب أسفار التكوين
ــ تنشق عن الغيب صومعة الجسد
(آه أيها الجسد...
هش أنت و قاتل كبيت عنكبوت )
قال آدم
و لم يلتفت لثرثرة الغيب
بين الزوايا.


منير بولعيش.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى