بوي جون آوانق - عشرة مكانس لتنظيف الصمت.. شعر

(1)

لَمَعَانُ تاجِ المَلِك هتافُنا له
علوُّ عَرْشِ المَلِك ركوعُنا له
ملكٌ واحد؛
اعترَفَ أمامَنا بدمامتِه
حَدَثَ ذلك في ذروةِ حاشيتِه
مهما يكن فقد حُسِبَ بِرَّاً له؛
ذلك أنه
لم يُولَد قَطّ ملكٌ دميم
كما لم يُرَ ملكٌ قصير
(لأنّ الشعبَ يستلذُّ رؤيةَ الملك من حفرةٍ
يحفرُها الرُّكوع).
زَجَرَني الملكُ هاتفاً: (احْتَرِمْنِي).
ـ حاضر.
ـ إركع لي.
ـ لا.
حين قلتُ للمَلِكِ ما فُطِمَ الملوكُ على كُرْهِه
هَتَفَ: بلسانِكَ حَفَرْتَ قبرَك.
لكنَّه لم يعرفْ أنَّ القبرَ الذي يحفرُهُ لساني ليسَ أعمقَ مما يحفره ركوعي،
وإلا عَلِمَ لماذا كلّما قَتَلَ حُرَّاً أحسَّ أنه أقصرَ مما تعوَّد، وتاجَهُ باهت.

(2)

حين أرادوا بلوغَ الله
حشدوا الناسَ وخوَّفوا حتَّى التراب
قلت لهم: (اللهُ أبعدُ مما يجب، وما تفعلونه أكثر مما ينبغي).
في البدايةِ طلبوا من النَّاسِ التبرعَ بأجسادهم
لأن عُلوَّ الله يستحقُّ جسراً من جماجمهم،
ولمَّا رأى الناسُ أنه كلما وُضِعَتْ جمجمةٌ فوق أخرى هَرَبَ الله عالياً
أجابوا: (الله يستحقُّ أكثر مما لا يُظنّ).
بعد سنين، حين تأمَّلوا برجَهم، لم يجدوا من يُشِيدُ بما فعلوا
وأحسّوا أنَّ اللهَ قريبٌ أكثر مما أرادوا
لذلك قرَّروا التدحرج بعيداً
آبهين بالطير
غير مكترثين بالسحب.

(3)

حين دخلتُ
كان Shaggay يغني كما يُشْتَهَى
وردتي تمضي كما تُبتَغَى
الفتياتُ جميلاتٌ أكثر مما يجب،
علمتُ…
أن خطأً أصاب البلاد
أين القبيحات اللاتي هنَّ قياس الجمال
هناك احتمالان..
أن أحداً لم يَدْعُهُنَّ
أو لم يَوْصِل (الكَرْت) إليهن أو….
الثاني، أن البلاد خاليةٌ منهنَّ
على كلٍّ
كلُّ احتمالٍ قابلٌ للخطأ كما للصواب، إلا احتراق البلاد.

(4)

حين غضبت،
من الله غضب النَّاس مني
ذات صباحٍ رأيتُ العالمَ على بحيرةِ شايٍ
رأيتُ الملوكَ عندَ الظهيرةِ يَنْتَشُونَ بدماء المساكين
وسمعتُ المساكينَ يقولون: هذا ما كُتِب
ورأيتُ الناسَ يحرقون الدّجاجَ لأجل الناس
والجانجويد يحرقون الناسَ لأجلِ الدّجاج
لكني لم أرَ يدَ الله
تُنقذ الأبرياء
وحين صرختُ: أين الله؟
غضبَ الناس وترافعوا عن الله
وتناسوا الأبرياء.

(5)

هذا عملٌ شاقّ
ومنه مفرٌّ
أن يُقرّ القلبُ أنه جُنَّ بكِ
وأنتِ الطويلةُ بلا تَعَب
ورغم أنَّكِ أجمل مِن كل مَن وُصِفَ بالجمال
تبدين دائماً كمَن يستعدُّ لشخصٍ ما كلّما أردتِ الكلام
وتضيفين إلى الثلاثةِ شيئاً رابعاً هو:
أنَّكِ تجهلين
أنني مُذ رأيتك صُرْتُ مزارعاً
يروي ما غَرَسَهُ وجهُكِ في حقولِ الفؤاد.
هذا حلٌّ صعب
لكنه يستحقُّ العناء
أن أُحَمِّل اللهَ وِزْرَ فشلي في الوصول إليك
لأنّك طويلةٌ لحَدّ المَلَل.

(6)

شيءٌ قديمُ
أنَّ أمنيةَ الكلابِ في الصَّيفِ رملٌ مبلَّل
الجديدُ هو أن بعضَهم ظنَّ الكلابَ ستكونُ أكثر طاعةً لو الرَّمْلُ سُخِّن
لكنَّ العجيبَ أن بعضَهم جَعَل الظنَّ (فعلاً)
والنتيجة أنهم حتَّى (غداً)
يحاولون جعل الكلاب كما كانت:
أقل طاعةً وأكثر نوماً.

(7)

حين لم يجدوا مفرَّاً
قالوا (طريقٌ واحدٌ للفرار)؛
سَنَطْلِي الغرابَ بالأبيض ونهتف: هذا حَمَامُ السَّلام
وحتى يبهت طلاءُ الغراب
سنكون نَشَرْنا العذابَ واسْتُلِذَّ الخراب.
بعد زمنٍ
لم يبهت لون الغراب
ونسيَ البعضُ أنهم بُناةُ خراب.
مهما يكن، فقد اختلفوا؛
ظنَّ بعضُهُم أنَّ الغرابَ حمامٌ
وقال بعضُهُم لِنَطْلِي هذا (الحمام) بلون الغراب.

(8)

الكرامةُ تَعْرِفُ مَن يملكون أفواهَهُم
والذي يملك (كُوشَةً) رعاياها الذُّباب
خيرٌ من الذي يملك أحلاماً لامتلاكِ شيءٍ ما
الخبزُ الذي في الطَّريق، يَزْرَعُ الجُّوعَ وقد يبدِّل مسارَه
لكن الشحاذين يعرفون:
أن الخبزَ حين يضلّ طريقَه
أو يُضلَّل لا بد أن يُبحث عنه
لأنه وَلَدٌ مُهِم.
ربما هذا ما ملأ المدينةَ بالفقراء
وصُيِّرتِ الكرامةُ مشرَّدةً في المدينة.

(9)

الحبُّ مرٌّ
لكنه يستحق الشَّراب
كما إنَّ…
الجنرالَ الذي لم يحارب لا يُفاخر
والكلبَ الذي لم يُنابِح لا يَقْدِر
والقلبَ الذي لم يُحبّ، ليس له أن يُجاهِر في أمورِ البشر
ذلك أنَّ من يُرِدْ أن يكون حاكماً، لا بدَّ له أن يُحاكَم أولاً
والقلبُ وحده لا يُرتَشى.

(10)

هذا ما سَكَتَ الناسُ عنه طويلاً
جهلاً بحدود السكوت؛ خوفاً على طبلةِ الأذن
الوطنُ واجبٌ مدرسيٌّ مُمِلّ
لذلك أزواجُ الأرامل أكثر مِن مَن يُفكرون في الزواج
والأمطار تَختارُ جهات الهطول
والنُّوبة لن يرتاحوا حتَّى يُسْلِمُوا (بَانْقِي) للسُّلطات.
هلاكُ الرِّجالِ النِّساءُ
والرِّجالُ يُشْتَرَوْنَ سريعاً بأرخصِ مما يُظنّ.

٭ شاعر من جمهورية جنوب السودان
  • Like
التفاعلات: محمد الجرادي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى