ثقافة شعبية جعفر الديري - إبراهيم المقابي: ما تعانيه الساحة سجال مرضي بفتح الراء وتشديد الياء.. حوار مع شاعر

ما بين التفكر في حال الساحة الشعرية وبين أحلام الشعراء بالمختلف المتجدد. تمثل الكثير من الأسئلة الحية التي لم يحسم أمرها حتى الآن: والغريب في أمر هذه الأسئلة أنها تساؤلات كثيرا ما أتخذ منها الخصوم مجالا رحبا للدفاع عن أنفسهم واتهام الآخرين. فكيف يستطيع الشاعر المجيد وسط هذا الركام أن يقدم ما يعتبره شيئا قيما؟! ان ريضان في هذا اللقاء الذي تجريه مع أحد الوجوه الشعرية البارزة وهو الشاعر ابراهيم المقابي لا تحاول الاجابة فقط على تلك الأسئلة وانما تعطي من خلالها اضاءة على العالم الذي يتحرك فيه الشعراء وإلى كم الهواجس التي تشغل أذهانهم فتؤثر سلبا وايجابا على نتاجهم، فالى هذا اللقاء.
* تظل مع مجموعة من الأسماء واحدا من العلامات الفارقة في تجربة القصيدة النبطية في المملكة، ومع ذلك تبدو بمنأى عن المشهد الشعري ومنذ أكثر من عام تقريبا... ما السبب وراء ذلك؟
- كانت هناك أسباب كثيرة وراء تخلفي عن المشهد الشعري المحلي على رغم تتبعي لما يدور في الساحة، وأهم هذه الأسباب أني لم أجد ما يغري بالظهور خلال تلك الفترة إذ امتلأت الساحة بتراكمات أثرت سلبا على عطاء الشعراء الطموحين والجادين في طرح تجربتهم فأحببت أن أتطبع بطابع المتفرج لمراقبة الوضع، كما أن ذلك كان فرصة لمراجعة الحسابات المتعلقة بكتابة النص والعودة بشكل مختلف وبثوب جديد بعيدا عن الطابع التقليدي المألوف، كما أني من أولئك الذين يصعب عليك انتظارهم للحصول منهم على نص بسبب قلة كتاباتي وربما لأني لا أجد الموضوع أو الفكرة المناسبة بسهولة والتي تشفع لي عندما اطرحها أمام القارئ لذلك أتأنى دائما في الكتابة والنشر وهذا سبب آخر.

اطلاع جم

ما الذي اضافته تجربتك في المقالات على تجربتك الشعرية، إذ تبدو من القلائل الذين يجمعون الجنسين الأدبيين وبشكل ملفت؟

- "هذا من فضل ربي" وبلا شك فإن كتابة المقالة تحتاج منك إلى اطلاع أدبي جم وبشكل مستمر حتى تظهر أمام الآخرين بالشكل الذي يجعلهم يحترمونك ولكي لا تكون هناك حجة عليك عندما تكتب ما لا تعلمه، وهذا معناه اثراء الثقافة الأدبية والذي بدوره يؤثر بشكل ايجابي في كتابة النص الشعري من خلال ابتداع أفكار جديدة في النص مغايرة للتقليد السائد. لذلك كنت أركز في الكثير من مقالاتي السابقة على ضرورة أن يكون الشاعر متسلح بسلاح الثقافة حتى يستطيع أن يجد له مكانا بين الشعراء ويحفظ نفسه من القيل والقال ولكي يكون بمأمن من حافة السقوط.

فتاة مراهقة

* كيف تقرأ الساحة الشعرية في المملكة وهل تخلصت فعلا من الكثير من أعبائها وأمراضها؟
- الساحة الشعرية في المملكة استطيع أن أشبهها بفتاة لا تزال في مرحلة مراهقة، من الصعب أن تشد معها والأصعب من ذلك أن تترك لها الحبل على الغارب، فمن ناحية التجارب الشعرية فالكثير منها مازالت تعيش البدايات التقليدية على رغم مرور سنين على وجودها فأنت ان تنتقد أو تبدي رأيك في أية تجربة شعرية تجد نفسك أمام حاجز من المكابرة والاعتداد بالنفس وعدم القبول واذا ما تركت هذه التجارب وشأنها أستمرت في التخبط والتأثير على سمعة الساحة. ومن ناحية أخرى نجد القائمين والمتكفلين برعاية الشعر الشعبي بعيدين جدا عن المشهد العام للساحة لذلك تجد الكثير من الشعراء يدورون في مساحة شاسعة ليس بها دليل ارشادي يوجههم، اللهم الا القليل منهم من وجد ضالته في منتديات الشبكة العنكبوتية من أجل ذلك أخذت بعض هذه المنتديات والفعاليات دور السبق في اظهار البعض منهم. وسحبت البساط من جمعية الشعر الشعبي كراعية رسمية للشعراء.

لا موضوعية

* حال السجال الدائر الآن في الكثير من الصفحات... وانتقاله إلى المواقع الألكترونية، هل يكشف ذلك عن حراك ثقافي حقيقي أم أنه حال من الخروج على الاتزان والأدب؟
- اسمح لي أن اقول لك بأن حال السجال الدائرة حاليا في الساحة وبشكلها هذا أعتبرها حالة مرضية "بفتح الراء وتشديد الياء" ومزعجة وأثرت سلبا على سمعة المتقمصين لدور النقاد في الصفحات الشعبية، إذ خلت من الموضوعية في الطرح خصوصا اذا ادعى أصحابها بأنها نقد لقصائد بينما هي انتقاد لشخوص معينين بنوع من السخرية والتهكم. ومن المسلم به أن النقد له عدة أوجه لم يدركها الكثيرون ومنها ان يكون الناقد ملما بالشعر وممارسا له وقارئا جيدا للنصوص وكذلك يتحلى بملكة النقد الأدبي الذي يستطيع من خلاله أن يبين كوامن الخلل والقوة في القصيدة وليس البحث عن فجوة يمرر من خلالها كوامن نفسية بغيضة. وانتقال هذا السجال الى المنتديات الالكترونية يعد أصعب منه في الصحف إذ يختلط الحابل بالنابل، في الوقت الذي نحن بحاجة إلى نقاش أدبي مثري نستطيع أن ستخلص منه النتائج المرجوة وقبل ذلك يجب ان نتحلى بروح الاحترام لوجهات النظر المختلفة بشرط أن تكون وجهات نظر في حدود المطلوب.

المنحرف نصا

* تجربتك في المساجلة والمشاكاة مع الشاعر عبدالله حماد تعد واحدة من أنضج التجارب في البحرين، لماذا؟ وما الذي يمكن أن تقوله عن هذا الشاعر؟
- عبدالله حماد أحد الأعمدة التي يمكن الاعتماد عليها في الساحة سواء من باب كتابة النص أو الكتابة الأدبية والمقالة، ولو أعطي الفرصة الكاملة لوجدته أكثر عطاء، وهذا المنحرف "نصا" يغريك أحيانا كثيرة في التحرش به، لذلك فأنا أعتبره عضلة قلب منقبضة، متى ما وجهت لها صدمة كهربية رأيتها تضخ لك دما يحييك، وبصراحة أنا تعلقت بالحماد نصا وشخصا ووجدته الوحيد الذي عرف كيف يقرأ نص ابراهيم المقابي جيدا "اقصد النصوص الأخيرة" لذلك وجدت نفسى اسبح في نهر عذب من الشعر. وكما يقول المثل "اذا لم تستطع صعود الجبل فدر حوله واذا لم تستطع فاحفر به خندقا" لذلك أنا استفدت كثيرا من تجربة مساجلاتي ومحاوراتي مع هذا المتشيطن شعرا.

انتقاء الأفضل

* يصر معد الصفحة جعفر الجمري على أن هذه الساحة بحاجة إلى زلزال بقوة 9 درجات على مقياس ريختر، كي تعود إلى رشدها، هل توافقه على ذلك؟
- الساحة الشعرية ان جاءها زلزال بهذه القوة فسيدمرها تماما ولعلك فهمت ما أعني أنا أعتقد بأنها بحاجة إلى غربلة في الشخوص وانتقاء الأفضل بعيدا عن المجاملات والمداهنات على أن يتم ذلك بهدوء تام، وأنا سأعمم هذا القول على كل ما يمت إلى الساحة بصلة سواء في جمعية الشعر الشعبي أو الصفحات الشعرية أو المنتديات والفعاليات المتعلقة بها... أقولها نحن بحاجة إلى عمل مخلص فقط بعدها قل للساحات الخليجية الأخرى الحقينا خصوصا وأن الساحة البحرينية بها الكثير من مشارب الثقافات التي تثري ساحة الشعر الشعبي.

موطئ قدم

* كيف ترى تعاطي صفحات الشعر الشعبي مع الأصوات البحرينية، هل تجد نوعا من المجاملة أحيانا أو التعالي أحيانا أخرى؟
- دعني أقول لك أولا إن صفحات الشعر الشعبي على رغم قدم بعضها وحداثة البعض الآخر فقد عجزت عن ايجاد موطئ قدم في عقلية المتلقي، واقناعه بأنه يوجد ما هو افضل لتقديمة مستقبلا، وعزاؤها بأن الشاعر البحريني وجد فيها متنفسا وحيدا فقط لا غير.
أما باب المجاملة فكل المعدين هذا ديدنهم ويتبعون هذا الاسلوب لكسب المزيد من الأسماء، وما هذه الصفحة ببعيد عن ذلك ولكن تأتي بشكل مختلف ومغاير يغري الشاعر تارة ويشجعه على الكتابة تارة أخرى وهذا أجده من خلال تعليق المعد على القصائد، ولعل الشعور من بعض الشعراء بأن هناك نوعا من التعالي وبالذات في هذه الصفحة "ريضان" فأنا اعتقد بأن اختلاف البعد الأدبي والثقافي بين المعد والشعراء، ولد مثل تلك الحالة، كما أني لا أبرئ ذمة جعفر الجمري من تناوله لبعض الموضوعات باسلوب يوحي بأن هناك تعاليا منه، ولكن تفهمنا لمقاصده يجعلنا نخضع للواقع بكل احترام فهو أديب ضالع لا غبار عليه.
المقابي: ما تعانيه الساحة سجال مرضي بفتح الراء وتشديد الياء

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى