فريد أبو سعدة - "بورتريه".. قصيدة

إلى عفيفى مطر

كان منحنيا ً مثل قوس قُزَحْ
قابعاً كالخرافةِ
ثَمَّ غموضٌ
يحيط السبيل من الدمِ حتى الحجرْ

رحتُ أنظرُ آية َ هذا النبىِّ :
قبيلاً من الناسِ صاروا نخيلاً
وأحصنةً
لحظةَ الوثبِ
صارت تماثيل من فضَّةٍ
وطيوراً
تصيرُ مساميرَ مرشوقةً فى المدى
كان فى الليل يأخذ سمتَ النبيينَ
تجفلُ سيّدةٌ
وهو يمضى بشَعرٍ مضىء
وتجفل ُفى البارِ منه الزجاجات
كانت تميل بأعناقها عنه
ها هوذا
يحجل الآن بين الموائد
يصرخ "ياويلكم"
داهنا ً صوته بالمراهم
والعشبِ

كان نبيّاً
ينام على الطحلب الساحلىِّ
ويحشو وسادته بالحروف الطريّةِ
آيتهُ أن يَرَى
وعلامتهُ أن يفكّ البلاد إلى أحرف ٍ
تتعلَّق فوق الوجوهِ
ويطفو الكحولُ بها فى المكان

كان يُخرجُ من قلبه علبة ً
أثقلتها النقوشُ
ويفتحُها بيننا
فينطُّ النبيون فوق الموائدِ
يلهون فوق الزجاجات
أو يقفزون على قطع الثلج ِ
كان ينادى بأسمائهم
واحداً واحداً
رامبو
مالارميه
لوتريامون
هنرى ميشو
دالى
فإذا اصطفتْ الأنبياء كهرمونيكا
يبدأ العزف منفرداً
ثم يبكى
ويبكى
إلى أن يهاجر من دمعهِ
قافزا فى كؤوس المحيطينَ
تبتلُّ
أجسادهُم بالدموع ِ
وبالخمر ِ
يقترب المشهدُ الفذ ُّ من قمةِ الانفعال ِ
وينفتحُ البحرُ
كان النبىُّ المراوغُ
يخلعُ عينيهِ فى طبقٍ
ثم يشرع فى مسْحِها بمناديلهِ الورقيةِ
ثم يقومْ

هامش
لم يكن اسم هذا النبىّ الجميلْ
مدرجاً فى الدليلْ
غير أن على خشبِ المائدةْ
كان كحتٌ نحيلٌ بمقدارِ اسمٍ
يلوحُ كنقشٍ بهىٍّ
قديمْ

من ديوان "الغزالة تقفز فى النار" 1990

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى