بهاء إيعالي (الذئب) - فيروز.. شعر

" فيروز من خلعت وجهها وقذفته نحو السماء"

طفلتان من أفغانستان
طفلتان من أفغانستان
فيروز من عبرت حقل الألغام في برقة
ورائحة الموت
فيروز من خلعت وجهها وقذفته نحو السماء
لتضيء برقة؛
فيروز
قفزاتُ أيلٍ في صحرا
تبلّل جسدها لفرط ما بكى الصبار
فيروز من لم تفتح عينيها لترى العصافير منذ سنواتٍ
تركت دموعها على حافة بيتها المُتفحّم
ومضت.

***

سائرة فوق رصيف صامتٍ في كورنيش برقة
يخرجُ من يدها اليُمنى هاتفٌ محمولٌ يحتفظ بما خلّفتهُ الحرب لها
ولأنها لم تكن تعلم أن ما تفعله سيصبح من التاريخ أغفلت تصوير بعض أطفال تلك الركامات وهم ينظرون إلى أحلامهم قد أصبحت رماداً،
هي لم تنسَ في الحقيقة
ثمّة رصاصة بطيئة لم تنجح بعد في قتلها
تلك الرصاصة هي بيتها - بيتها المُستلقي على الأرض بين تلك الركامات.

***

كانت فيروز تحاول أن تغنّي كما يغني أطفال حيّها
لكنها لم تكن قادرة على إخراج صوتها؛
كم عليها أن تحاول الصُراخ
فليجبني الإله الذي رأى برقة تهوي كبيتٍ ورقي واكتفى بالبكاء
فليجبني الإله الذي لم يبق غيره من يستنطق الحجر؛
في دمعته الأولى كان موت آخر حقل ليلكي في الحي
في دمعته الثانية امتلأ الحقل ببعض أعضاء طفلٍ سقطت القذيفة في رأسه
في دمعاته التي تكرّ تباعاً
تعلو عقيرة الليل وهو يشيّع القمر نحو منزلٍ مظلمٍ له
ولا يبقى سوى وجه فيروز
وبضعُ أغانٍ غنّتها قبل سقوط القذيفة
تبطئ رصاصة فيروز، لكنها لن توقفها.

***

فيروز في أغنيتها الأخيرة نست أنها حيّة
ونست أنّها امتدادٌ لأولئك الأطفال الذين تركوا لها أحلامهم
كنتُ أفكر
أنني لست أكثر من عقب رصاصةٍ مركونةٍ في زاوية منزلها المُتفحّم
وأنّ الأطفال لا زالوا غير جسورين على اقتحام الخراب
لربّما سيأتي طفلٌ يلتقطها
ويلقيها بقوّةٍ في البحر
من دون أن يُنزل منه دمعةً واحدة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى