محمد بنعبد الله الادريسي - " الفساد والمفسدون" صيحة مدوية ضد النخب الفاسدة.

بإصدار هذا الكتاب "الفساد والمفسدون" يكون الكاتب والباحث المتميز ذ. محمد أديب السلاوي قد وضع حلقة جديدة بموسوعته حول الفساد بالمغرب الراهن ،التي تحوي كل المعلومات عن قضايا الفساد المالي،السياسي،الاقتصادي الاجتماعي،عبر سلسلة من الكتب حول الرشوة والفقر وأطفال الفقر والسلطة والمخدرات والحكومة واقتصاد الريع والمشهد الحزبي والفساد الانتخابي،وهي الكتب التي حولت كاتبها إلى مفكر/مناضل جعل من "الفساد" قضيته الأولى والأساسية.

السؤال الذي يطرحه علينا إصداره الجديد: هل وهو خاتمة هذه الموسوعة،أم هو إضافة جديدة إليها... ؟

يتضمن هذا الكتاب عبر فاتحته وفصوله جردا موسعا عن مفاهيم الفساد في المعاجم والمتون الفلسفية إضافة إلى قراءته المتأنية لأصناف الفساد التي أطاحت بالتنمية وقيمها ومطامحها.

وارتكازا على البحوث الأكاديمية والتقارير الدولية يري هذا الكتاب أن أسباب انتشار الفساد في المغرب الراهن تعود مباشرة إلى السلطة السياسية التي عملت/تعمل على توزيع المصالح والوظائف والمسؤوليات والأموال والأراضي فيما بينها خارج قيم الأخلاق والقانون.

يقول مؤلف هذا الكتاب بوضوحه المعهود:إن النخبة السياسية "المخدومة" التي تصل السلطة خارج المشروعية،أو بواسطة انتخابات مزورة، تعطي الفساد قدرة على التوالد والتنامي والتجدد وتزوده بالآليات التي تمكنه من فرض نفسه على البلاد والعباد.

يبحر هذا الكتاب بحجمه الصغير وبموضوعه الضخم في أسئلة وقضايا الفساد المتعددة والمتداخلة بين السياسي والاقتصادي وأحيانا بين الاجتماعي والثقافي،من خلال عناوين فصوله:

*من جعل الفساد معضلة مغربية؟
*ما هي الأسلحة الفتاكة للفساد الإداري؟.ا
*أي فساد لإدارة بلا إرادة وبلا تجربة؟
*السياسة والفساد من يركب على من؟
*منظومة الفساد بالمغرب متى تصل إلى جهاز النيابة العامة؟
*متى نغادر زمن الفساد؟

أسئلة تضع اليد على حقيقة الفساد الذي استسرى لهيبه وانتشر داؤه انتشار النار في الهشيم، وتفشى سرطانه في أعصاب الحياة المجتمعية والإدارية، فساد فشل وخرب أركان النهوض والتنمية.

في قراءة متأنية لهذه الفصول /الأسئلة، يبدو جليا وواضحا أن الظروف التي هيأت لظهور منظومة الفساد في المغرب الراهن، وسيطرتها على المال والأراضي والمصالح، تتزامن مع ظهور دولة الاستقلال الضعيفة، ومسؤولياتها الثقيلة والمتعددة وهو ما جعلها تسقط بسرعة صريعة في يد الفساد الذي تجند لجني الثروات ذات الأرقام الفلكية الفاجرة ،وهو ما يعني أيضا ،بكل وضوح أن الإيديولوجيات التي راهنت على الاستقلال/الديمقراطية/دولة الحق والقانون، استنفدت تطلعاتها أمام جيش الفساد والمفسدين.

يقول هذا الكتاب الأنيق، الصغير في حجمه، أن الإطاحة بسلطات الفساد ،لا تكتمل جدواها القانونية والدستورية، إلا إذا تمتعت سلطات الدولة برصيد من القيم الوطنية وبقيم السلوك الأخلاقي، وهو شرط ليس مستحيلا على دولة لها تاريخ عريق، وتراث وحضارة، تؤمن بقيم الإسلام، وبقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.

السؤال المحير: متى نغادر زمن الفساد... ؟.


والمفسدون.jpg
  • Like
التفاعلات: فائد البكري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى