أَحْمَدُ الشّهَاوِي - امْنَح المُعَزِّينَ مَا اصطدتَ من حُريَّة.. شعر

المَوتُ مَوتُكَ
فلِمَ تبْكِي خَارجَ الغُرفةِ ؟
هُو الآنَ بين يديكَ
فَعَلَى رَأْسهِ ابْكِ
واصْطَدْ لهُ آيةً ويمامتيْن
اصْطَدْ لهُ سُلمًا من غَمَام
واصْطدْ لهُ نهرًا بأسْماكهِ
وازْرَع الكتَّانَ ثَوبًا للكَفَن
وانْدَه المُقْرِىءَ واطْلبْ سُوَرًا تَرفَعُ الرَّأْسَ
واذبحْ في العَزَاءِ عشْرَ سمَاواتٍ ورِيحًا
وامنح المعزِّينَ ما اصْطَدتَ من حريَّةٍ
ولاتَكُن نِدًّا لليتَامَى
ولا للذينَ يغْسِلونَ أياديَهم في بُحورٍ من الدِّين
لأنَّ المسَافةَ بين الدماءِ وبين الديانةِ
أبعدُ من كُتبِ الله والنَّاس .

لا تدْخُل البيْتَ مُستئذنًا
ولا تمْنَح الغُرباءَ جَوازَ مُرورٍ لمَائِك
كُنْ كالتُرابِ
ولا تخْلِط بهِ رمْلَ اللِّحَى
وَجُر ورَاءَكَ بابيْن
بابًا مِفْتَاحهُ في يديْك
وبابًا كما كانَ يفعلُ أهلُوكَ في الماضِي،
يُوهِمُ الداخلين.

ضَعْ في العَزاءِ الكَبيرِ العَلَم
وامْنَح المُعَزِّينَ شايًا ومَاءً مِنَ النَّهْر
ونَح القَهْوَةَ المُرَّةَ
فليسَ الوقتُ وقتَ شَمَاتَةٍ
وهزيمَةٍ للنَّخل
< أنتَ تعْرفُ أنَّ النخلَ يزعَلُ في العَرَاء>
واتْبَع الشَّاي بنَاياتٍ تَشُدُّ الظَهْرَ
كما كان يفعلُ الأجدادُ أوقاتَ الحَصَاد.

واتبع سنَّةَ المِصْريِّ في ذكْرِ الخَمِيس
ولا تَنْس ظِلالَ الأربعين علَى المَقَابرِ
وامْنَح الصَّبارَ حُريَّةَ البَوْحِ
كيْ يحمِلَ الآثامَ في أورَاقِهِ
ويكُونَ شَفيعَنَا فِي اللَّيل
وفِي وقْتِ الحِسَاب
اتْرُك المَاءَ يَجْرِي تحتَ أقدَامِ المَقابر
فرُّبمَا فِي اللَّيل قد يعْطَشُ المَوْتَى.

وفِي الخَمِيسِ الثَّالثِ للمَوت
اكْتُب الاسمَ والشَّهرَ والعَام
ولاتَغْفَلْ تقْويمَ أسْلافِنَا
فنَحنُ مياهٌ تَحِنُّ إلى الأصْلِ
ولا تُنْكر على الطَّيْر الكَلام
ولا علَى المَوْتَى التنزُّهَ فِي اللَّيل
ولذا كُنتُ أمنَحُ أُمِّيَ بعْضَ القُروشِ القليلةِ
عَلَّها تحتَاجُ شيئًا
أو تُطْعِمُ الأقمارَ حينَ تنزِلُ،
تسْتريحُ علَى يديْها
أو تُلْبِسُ الفقراءَ من العَرَايا الميتين
أو تُوهمُ الأرضَ بالنِّيل .

اذْكُر المَاء
واذْكُر النَّار
واقْطِفْ لليديْن اللُّغَات
واذْهَبْ إلى الغيْطِ وَحْدَكَ
ولا تحْبِس الاسْمَ فِي الإثْمِ
واحْمِلْ فِي صُّرة الظُّهْر اسْمًا
ومَوْتًا يلِيقُ بِواحِدٍ لم ينمْ فِي الظَلامْ.


أَحمَد الشهاوِي
القاهرة
16 من أغسطس 2013

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى