ديمة محمود - في عيد ميلادك الخمسين

في عيد ميلادكَ الخمسين/ يلوّح المراهقان لي يتعانقان خلف جدار البستان/ يسرقان الوقت ويلعبان “الاستغماية”/ يأكلان السمسمية بجانب “الدفلى”/ شريطٌ سينمائي يهش “الرّجلة” في رأسي.
*
ريقُكَ الأول/ وشفتاي الطريّتان/ الدوّار الذي انتابني وأنا أغوص فيك/ كفّكَ التي تسري كهرباؤها في كفي/كلما تذكرتُ عناقهما القديم.
*
في عيد ميلادكَ الخمسين/ تلاحقني قصاصات أوراقكَ الصغيرة/ لطالما أصابتني بالجنون/ كلما عددتُها ووجدت إحداها ناقصة/ وأرّقتني وأنا أبحث عنها/ أو أفتّش لها عن مخبأ.
*
في عيد ميلادكَ الخمسين أنا لست إلاّي/ غمزة عيني من بعيد وهي تناديك/ ذراعاي المكتنزتان تلفّانك/ صدري يضمك ولا تكاد تغادره/ إلا عندما تنكشك جديلتي أنْ كفى ولقاؤنا بعد غد.
*
في عيد ميلادكَ الخمسين/ أحتفل معكَ بالإنشاء الجديد/ بالخلقِ بالتّكوين/ بالكلمة التي تطوف في التبَانة/ والخيط الأبيض والأسود على وشك الفكاك/ترشف بواكير الندى من أطراف الغيم/ نعتقها ونمزجها بذاتينا وتجاربنا/ ونذكيها بهذا العشق اللامع.
*
في عيد ميلادكَ الخمسين/ لا داعي لفنجانين من القهوة/ ولا لقدحين أو سبحارتين/ لا لرغيفين!
*
في خمسينك يغدو توحّدنا هو الأكثر نشوة/ سنرشف قهوتنا في فنجان واحد/ ونعتصر القدح عينها/ ونستنشق السيجارة ذاتها/ ونأكل الرغيفَ نفسُه/ نتكاملُ ونذوب/ نتوحد ونتماهى/ فتتأرجح أفكارنا ونتراقص معاً/ نحتفل بنا حيث صرنا وسنكون/ كلُّ ذلك في عيد ميلادك الخمسين.
*
سأرشُّ الأبواب بمياه العتبات/ وأرقيك بتمائم الإغريق/ ليتسارع نمو شعرك الأبيض/ وتلهبُ فضتُه جذوةَ عشقي نحوك/ وأحتسي معك الحب والشعر والجنون/وأنت في عيد ميلادك الستين!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى