دراسات في التراث أخبار الظراف والمتماجنين - جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي.. المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم عونك اللهم الحمد لله الذي قسم الأذهان فأكثر وأقل، وصلواته على محمد أشرف نبي أرشد ودل، وعلى أصحابه وأتباعه ما أطل سحاب فطل وبل.
أما بعد؛
فلما كانت النفس تمل من الجد، لم يكن بأس بإطلاقها في مزح ترتاح به.

1 - كان الزهري يقول: هاتوا من أشعاركم، هاتوا من طرفكم، أفيضوا في بعض ما يخف عليكم وتأنس به طباعكم.

2 - وقد كان شعبة يحدث الناس، فإذا تلمح أبا زيد النحوي في أخريات الناس، قال: يا أبا زيد!
(استعجمت دار نعم ما تكلمنا ... والدار لو كلمتنا ذات أخبار)

3 - وقال حماد بن سلمة: لا يحب الملح إلا ذكران الرجال، ولا يكرهها إلا مؤنثوهم.

4 - عن بكر بن عبد الله المزني، قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبادحون بالبطيخ، فإذا كانت الحقائق كانوا الرجال.

5 - قال قبيصة: كان سفيان مزاحا، ولقد كنت أجيء إليه مع القوم فأتأخر خلفهم مخافة أن يحيرني بمزاحه.

6 - قال سفيان بن عيينة: أتينا مرة مسعر بن كدام، فوجدناه يصلي، فأطال الصلاة جدا، ثم التفت إلينا متبسما، فأنشدنا:

(ألا تلك عزة قد أقبلت ... ترفع نحوي طرفا غضيضا)
(تقول: مرضنا فما عدتنا ... وكيف يعود مريض مريضا)

قال: فقلت: رحمك الله، بعد هذه الصلاة هذا {قال: نعم} مرة هكذا ومرة هكذا.

7 - قلت: وقد بلغني عن جماعة من الفطناء والظرفاء حكايات تدل على قوة فهومهم، فسماعها يشحذ الذهن، وينبه الفهم، فأحببت أن أذكر منها طرفا.

8 - وبلغني عن جماعة من المجون ما يتفرج فيه.
ومعنى المجون: صرف اللفظ عن حقيقته إلى معنى آخر، وذلك يدل على قوة الفطنة.
فكتبت من ذلك في هذا الكتاب طرفا.
وقد قسمته ثلاثة أبواب:
الباب الأول: فيما ذكر عن الرجال.
الباب الثاني: فيما ذكر عن النساء.
الباب الثالث: فيما ذكر عن الصبيان.

والله الموفق.



الكتاب: أخبار الظراف والمتماجنين
المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)
المحقق: بسام عبد الوهاب الجاني

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى