السيد شليل - زفاف مؤقت.. قصة قصيرة

عام بالتمام والكمال مر، كانوا يقومون برص كل شيء فوق السيارات بحساب استعدادًا لزفه واللف به حول القرية كلها.
والجارات تزغردن والبنات يرقصن ويغنين والأطفال يهللون ويركبون السيارات التي وقفت في صف منتظم أمام بيتنا.
وضعوا الصالون المذهب - كاملًا بطاولته الرخام - والصيني و السجاد وأدوات المطبخ في سيارة أخرى أما المقدمة فكانت للمراتب والوسائد والتكاوي وحقائب البطاطين التي جلبها لي أبي عبر سفرياته المتعددة من اليونان
نبهت عليً أمي أن أظل في مكاني حتى لا يراني أحد ؛ فيحسدني وذهبوا بجهازي وتركوني أتابعهم - من سرند شباك المطبخ المطل على الشارع -حتى ابتعدوا.......
... بعد ثلاثة أيام فرش كانت أمي تُصر على أن أظل مختبئة عن عيون الكل.
حكت لأبي عن بعض تصرفات أم مراد ، وابنتها المطلقة أول ما رأت المراتب منتفخة ؛ طل الشرار من عينيها ومصمصت شفتيها وملست بيدها وهي تنظر لابنتها وقالت: قطن حلو غالي!
من بعدها لم ينهض مرة ثانية.
وعندما سألتها أخت مراد المطلقة عن نعمت فقالت لها: بأنها بعافية شوية
رفعت حاجبها وقالت: من أولها بعافية... حظك يا أخويا..
ولكن أمي لحقت نفسها وقالت: تعب كل شهر.
أما عن رص النيش فسبحان الله كلما أمسكوا بشيء انكسر فورا... ربنا يكملها بالستر: قالها أبي ودخل غرفته ليستعد للسروح للبحر كعادته بعد الفجر وما زالت أمي توصيني وهي تمسح بيديها على شعري وجسمي ، وكأنها ترقيتي في صمت!
نفذتُ كل وصايا أمي في التعامل مع أم مراد وابنتها - التي طلقت بسبب الخلفة - وحاولت إسعاد زوجي قدر الإمكان.
لم يكن مراد قاسيًا ولا بخيلًا ولا حتى ابن أمه ، كما كانت تقول أمي عنه وقد جاء إلى بيتتا عن طريق أحد أصدقاء أبي من الصيادين ، الذي مدح أخلاقه ومنبته وبعد قراءة الفاتحة والخطوبة ، وجدناه فعلا كما قيل عنه برغم مناوشات أمه وطلاق أخته ؛ تزوجنا وبعد مرور تسعة أشهر رزقنا الله عز وجل بسعيد ثمرة زواج تحملت فيه الكثير من مضايقات حماتي ، وابنتها حتى فلحت حيالهما في خراب بيتي!
جاء قرار الانفصال بالزن وكثرة المشاكل ، فذهبنا إلى بيت أبي لأتابع عودة جهازي تحمله سيارة كبيرة مغلقة في ستر الليل، وكان أبي قد استأجر مخزنًا بالقرب من بيتنا كنت أتابعهم من خلف السلك ، وهم يدخلونه إلى المخزن في هدوء.
بعد أيام ،علمنا بأن أبو سعيد توفاه الله على إثر حادث موتوسيكل ، كما قيل بأنه كان في طريقه لبيتنا ليصالحني ويردني إلى عصمته.
راح وترك لي ثمرة تذكرني دائما به الله يرحمه.
اليوم قرر أبي أن يتخلص من العفش المكدس في المخزن ، وجاءت السيارة التي سوف تحمله لآخر مرة.
يرصون ضلف الدولاب وقد تكسرت مقابضه ومفاتيحه ، وبهت لونه كانت تحجب ملابسي الخاصة وملابس مراد الله يرحمه ، وفي الضلفة الأخرى قررنا أن نجعلها لما يرزقنا الله به.
ألقوا السَلََب وبدأوا في إحكام الربط ، و قد جاء أحدهم وكوم بعض النقود ودسها في يد أبي ، الذي نظر ناحية شباك المطبخ قائلا: حسبنا الله ونعم الوكيل
رددتها وأنا أحمل سعيد الذي ابتسم في وجهي وقد شعر بالجوع لتوه

# السيد شليل


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى