عبد الكريم العامري - تعويذة للفجر الكانوني.. شعر

شوارعنا اغتسلت بالحنين،
وانتشت بالصدى، بعد طول اغتراب.
لم يعد ممكناً اصطياد السراب.
ففي ضيعة العاشقين، تصير الشظايا حمائم،
وتجعل كل الصبايا تميماتهنّ/ الهوى من تراب!
..............
أيا ليل كانون، حين ادلهمّ الردى،
وراحَ الغرابُ يدقّ البيوتاتِ دونَ اكتراث.
أما كنتَ تدري بأنّ الصبايا نيامْ؟
وانّ العراقَ الذي لمْ يَنمْ، على شاطئيهِ يرفُّ السلامْ؟
وجئتَ كذئبٍ هوى من سحاب، تزوغُ طريداً، غريباً..
بكفّيكَ يجثو اليبابْ.
تُفززُ حُلمَ العذارى، وتمسحُ نجماً تراءى لنا بأوّلِ غيثٍ
نما كالضبابْ.
هنا..
نبضُ قلبي.
هنا..
نورُ وجه الملاكِ الحزين.
فإيّاك تدنو!
...........
أيا ليلَ كانون، لمّا يزل،
حزن كل المرافئ،
حينَ استفاقَ الصباحُ على نغمةٍ،
من دويّ الحديد!
ولمّا يزل (حادي العيس) يخشى اغتراب المطاف.
فيا دمع اهلي، دموع الحسين..
ويا جرح اهلي، يداوي لظاه الغريب اعتراف.
ويا حلمنا الفجر صار احتراق
توقّف فيه الزمان.
وحال الردى بينه، والمكان.
هو الفجر ذاك الذي،
فيه ابتدأ الامتحان.
...........
هو الهزيع اذن،
يمتدّ عبر المدى.
(فأما حياة تسر الصديق
واما ممات يغيض العدا)
وزلزلت الأرض فيمن أراد لنا الانهيار.
تهاوت عروش الذئاب الصغار.
غبار من النار غطّى الرؤوس،
وراح الفرات يضم النخيل..
ودجلة تقرأ كالأمهات، تعاويذ خير..
لتطرد عنّا الغراب!
شوارعنا امتلأت بالحراب:
جنود،
رصاص،
ملاجئ تحمي الصغار.
ومن بين أنّات الشوارع والقفار
بزغ النهار.
متعثر الخطوات يبحث عن مسار.
لكنه، رغم المحطات التي نزفت ضياع..
ما زال مرتديا رداء من رماد.
وهناك، القى بعض ما حملت يداه.
وأغمض العينين، مثل كل عاشق،
وسلّم الروح الخجولة للآله!!


(البصرة 14/12/1993)



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى