جمال نصر الله - أنتم أكبر من نوبل.. أيها العرب الأقحاح

فاز بيتر هاندك الكاتب النمساوي بجائزة نوبل لهذه السنة. وكما هو معروف فهو من سبق له أن ساند وحيّا في كتاباته الرئيس الصربي المُعدم ميلوزوفيتش, واعتبره نموذجا يقتدى به في مسألة التصفيات العرقية .وهذا يعني كله بأن الجائزة لم تعد تفرق بين مجرم حرب ومجرم سياسي أو أي نوع من الإجرام والمجرمين؟ا ممن نكلوا بالإنسانية وبني البشر, ودعوّا إلى محاق وإبادات جماعية . يحدث هذا وأغلب الروائيين العرب والكتاب لازالوا يتشبثون بخيط أمل مراده أنهم في حالة ما ظفرت أعمالهم بهذه الجائزة إلا وارتحاوا استراحة المحارب ودخلوا العالمية من بابها الواسع؟ا وإذ فاز غيرهم من خلانهم تسابقوا لفحص وتمحص أعمال هذا الروائي واهتموا به اهتماما زائدا عن حده مثلما حدث مع نجيب محفوظ ,الذي كان قبل الجائزة بالنسبة لهم نكرة , حتى راحوا يبجلونه ويمجدونه ,وقد قلناها مرارا وفي أكثر من مقال بأن جل العرب وليس كلهم لازالوا يحتقرون أنفسهم في حالات مثل هذه , ولم يخرجوا بعد من فوبيا جلد الذات ,وهاهو الإعلان الأخير عن منح نوبل للكاتب النمساوي لخير دليل عن أن ايديولوجية هذه الجائزة والتي هي ليست ببريئة البتة؟ا بل هي تعمل تحت طائلة أجندات مبرمجة وبروتوكلات لا تختلف عن بروتكولات بني صهيون؟ا
المؤسسات العربية والأكاديميات وحتى الحكومية على مختلف مشاربها قادرة اليوم وغدا على الترويج لجائزة عالمية هي أكبر من نوبل مئات المرات,فما المانع أن يحدث هذا ياترى؟ا ـ وهل كل الجوائز والدورات والمسابقات الموجودة آنيا هي أقل شأنا من نوبل ؟ا ما السر الذي يجعل الجميع يقدّرون حتى لا نقول يغازلون ويقدسون جائزة نوبل أكثر من اللزوم ويعتبرونها هي المدخل المعترف به رسميا للعالمية. زيادة عن تملق الأغلب مع أمانيهم وذواتهم حتى ينالوا رضاها...وهناك نوع آخر من الكتاب همهم الوحيد هو الإكثار من النشر والكتابة بغزارة,وفي خواطرهم ومخيالهم وحساباتهم أن ذلك يمكّنهم من الإنتشار على نطاق أوسع وأرحب,والصنف الثالث يسعون سعيا حثيثا كي تتُرجم أعمالهم لعدة لغات حتى يستطيع الآخر من دور نشر أأوروبية وأسيوأمريكية وجمهور نقاد وقراء التعرف على أعمالهم.... لقد اتضحت الرؤية اليوم أكثر وبلا شك مع المحطات المقبلة ,ولم يعد أي شيء أو مسألة بحاجة إلى تستر أو تمويه,إلا من أبى وأراد أن يكذب على نفسه و يعشش داخل منظومة وهمية و مغشوسة ؟ا فالفكرة الجوهرية التي نريد أن نطرحها هنا هو أن تاريخ الأدب العربي منذ أدب المقامات و ما قبله لا يزال حافلا بالقيم الفنية والمعاني الجوهرية لمعاناة الإنسان و البيئة و الطبيعة. فقط أن عقدة كل ما يأتي من ماوراء البحار و الغرب بالتحديد, يعتبر عند كثير من الذهنيات التي تحتقر نفسها أفضل بضاعة والأحسن تصويرا ودقة , وهذا عين الغلط والسخط والخطأ.. والغريب أن بعض المفكرين عندنا سامحهم الله مازالوا يحدثوننا و بلغة غير مستحية عن عقدة المركزية ؟ا ناسين و متناسين أنهم هم لوحدهم من صنعوا هذه الدائرة المغلقة من حولهم, و نقصد هنا على المستويين الفني و القيمي, و ليس السياسي و الإقتصادي, أو بتعبير آخر أقرب الحربي التسليحي ( لأنه صحيح في هذا المجال دويلاتنا مازالت في موقع المتفرج المستضعف) والدليل عما نقوله هو أن المستشرقين وبعض المفكرين الغربيين القدامى ألهمهم بحق الأدب العربي, فراحوا يترجمونه لكل اللغات وينشرونه عبر كل أصقاع العالم... فلماذا حدث هذا ... وبإجابة بسيطة هي مدى دهشتهم وشغفهم لمعرفة كنوز الشرق... لهذا وذاك نختم سردنا هذا لنبيّن بأن الكتاب العرب ليس عليهم أن يكترثوا وهم ينتظرون عبر طوابير عدة كل ما تحمله هذه الجائزة ( نوبل) لا من قريب ولا من بعيد.. لأنها جائزة تتطعم بالسياسة ومقرروها هم بشر لهم ميولات ونزعات وتوجهات.. هي أقرب لكثير ما بقينا نشاهده داخل الأفلام السينمائية ,وهي التعالي على الشعوب والتركيز على عظمة الغرب؟ا وما ذهب إليه فوكوياما الياباني عن أن الفرد الأمريكي الإمبريالي هو من يمثل نهاية التاريخ لخير دليل على ذلك.

شاعر وصحفي جزائري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى