أدباء الخليج: الاحتفاء "بأسرة أدباء البحرين" تخليد للمشهد الثقافي الخليجي.. حوار : جعفر الديري

حوار أجراه جعفر الديري

احتفلت أسرة أدباء وكتاب البحرين، بمرور خمسين عاما على تأسيسها، وذلك في حفل أقامته الخميس الماضي في الصالة الثقافية بالعاصمة المنامة، حضره حشد من محبي الثقافة والأدب، على رأسهم الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار، وبمشاركة وفد من أدباء الخليج العربي، أعضاء الاتحاد العام للكتاب العرب.
وبذلك تكون أسرة الأدباء قد قطعت مشوارا طويلا في رحاب الكلمة، بدأته في العام 1969، رعاية للحركة الفكرية والنهضة الأدبية فى البحرين وعملا على ازدهارها، وتكوينا لجهة جامعة لذوى المواهب الكتابية فى شتى مجالاتها، ومساهمة فى احتضان المواهب الناشئة ذات الطاقة الأدبية الواعدة، وحثا على الإنتاج الجيد فى مجال الأدب والثقافة والفكر، وتشجيعا للبحوث والدراسات الأدبية والفكرية.
وبهذه المناسبة، كان لملحق فضاءات أدبية، هذه الوقفات مع عدد من أدباء وأعضاء اتحادات الكتاب العرب.

مناسبة لجميع الخليجيين

يؤكد الشاعر سعيد الصقلاوي رئيس الجمعية العمانية للكتاب والأدباء نائب الأمين العام لاتحاد الكتاب العرب، أن احتفال أسرة الأدباء والكتاب، مناسبة تهم كل خليجي مشغول ومهتم بالشأن الثقافي، فهي ثاني مؤسسة ثقافية تطوعية في الخليح، تأسست في عام 1969، بعد تأسيس رابطة أدباء الكويت في عام 1965، وبالتالي مثلت و"الرابطة" مرجعية في العمل الثقافي في منطقة الخليج.
ورغم اقتناع الصقلاوي بأن لكل بلد خليجي تفاصيل خاصة به، تميز أدبه وكتابته عن منطقة أخرى، يؤكد على وجود مشتركات عامة كثيرة في أدب منطقة الخليج، تشكل الرافد العام والصورة العامة والبانوراما العامة التي ينظر إليها الكاتب أو الأديب أو الصحافي من خارج هذه المنطقة، ويراها وحدة واحدة من خلال هذه المشتركات التي تمثلنا جميعا.
إن منطقة الخليج بحسب الصقلاوي، عريقة، وإذا كان اسم البحرين دلمون، فإن عمان كانت تسمى ماجان، والبلدين ظهرا في أقدم ملحمة في التاريخ وهي ملحمة جلجامش، وجميع مناطق الخليج تضم تجارب إبداعية من عمان وحتى العراق. فلا يمكن القول أن البحرين أو الكويت أو العراق تحمل التجربة الأقدم أو الأعمق، مضيفا: نحن أبناء هذه المنطقة وعندما نتحدث عن وجودنا في ملحمة جلجامش نتحدث عن تجارب أدبية تمتد إلى حضارة سومر. والخليج عبارة عن سفينة لها رأس أعلى في العراق وأسفل في عمان وهذه السفينة كانت ناقلة للحضارة والإبداعات.

روابط منذ الستينيات

من جانبه يشير الكاتب د. خالد عبداللطيف رمضان أمين عام رابطة الأدباء الكويتيين، إلى وجود علاقات بين "الرابطة" و"الأسرة" قائمة منذ ستينيات القرن الماضي، ربما لأن مملكة البحرين ودولة الكويت، أول دولتين في الخليج تقام فيهما هيئات أهلية ينطوي تحتها الأدباء والكتاب.
ويرى د. رمضان أن أدباء البحرين، أثبتوا وجودهم على الساحة العربية، حيث تشهد الملتقيات والمهرجانات العربية حضورا مميزا لهم خصوصا أعضاء أسرة الأدباء، مؤكدا وجود أصوات أدبية جديدة في البحرين في مجالات الشعر والقصة والرواية والدراسات النقدية، أسوة بالكويت ودولة الخليج الأخرى، ألا أنها وبحكم طبيعة المرحلة، أصوات تحاكي الحداثة سواء في الغرب أو في وطننا العربي، خصوصا في مجال الشعر.
أما على مستوى القصة القصيرة، فإن هذا الفن تعرض للإهمال على حساب الرواية، كما يرى د. رمضان، موضحا أن الزمن أصبح زمن الانفجار الروائي، فالجميع يريد أن يكون روائيا، وهو أمر يعود للطبيعة التجارية، التي تطبع كل ما هو رائج في السوق، وحتى القلة التي تكتب القصة القصيرة لا تدرك تقنياتها بل تستعير تقنيات الرواية وهذا غير صحيح، فإن للقصة القصيرة خصوصيتها التي لا يدركها هؤلاء.

أدباء مؤثرون

كذلك أعربت الشاعرة الهنوف محمد رئيسة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، نائب الأمين العام لاتحاد الكتاب والأدباء العرب، عن تهانيها لأسرة الأدباء والكتاب، بمناسبة مرور خمسين عاما على التأسيس، مؤكدة تأثرها بشدة كشاعرة حداثية، بشعراء البحرين.
الهنوف، لفتت من جهة أخرى للإبداع النسوي في دولة الامارات العربية المتحدة، خصوصا في مجال الرواية، وذلك على يد روائيات، تركن بصمتهن واضحة في الساحة الإماراتية والعربية بشكل عام، لكن الأمر مختلف بالنسبة للنقد، مشيرة إلى ان أغلب ما ينشر حاليا عبارة عن انطباعات، وإن كان من شيء يسعد القلب، فوجود اتجاه كبير لدراسة النقد دراسة أكاديمية.
وتؤكد الهنوف أن بروز الإبداع النسوي في دولة الإمارات، عائد لاهتمام الدولة بتمكين المرأة، على جميع المستويات ومنها الثقافية، فهي شخصيا أول رئيسة للاتحاد، وأول نائب أمين عام على مستوى الوطن العربي.

عمر دولة

من جهته يتذكر الشاعر عبدالرزاق الربيعي عضو الجمعية العمانية للكتاب والأدباء عضو اتحاد الأدباء والكتاب العرب: في مثل هذه الأيام من العام الماضي، كنت مع رفيق الشعر، وعذاباته الشاعر عدنان الصائغ ضيفي الأسرة، إذ أحيينا أمسية شعرية، يومها أبلغنا الشاعر د. علوي الهاشمي أن هذه الأسرة ستحتفل باليوبيل الذهبي العام المقبل، همست بأذن صديقي الصائغ: هذا عمر دولة وليس أسرة.
ويضيف الربيعي: في تلك اللحظة، تداعت صور كثيرة لشخصيات ثقافية بحرينية، وخليجية، وعربية، ساهمت ببناء هذا الصرح في رحلة النصف قرن من الإنجاز الثقافي، والحراك الإبداعي، والفكري، فتخيلتها على هيئة شجرة ضخمة مدت جذورها عميقا، في أرض مليئة بكنوز الماضي الجليل، والتاريخ العريق لحضارة دلمون، وشربت من تلك الينابيع، فأزهرت، وأثمرت، ودنت قطوفها، فامتدت لها الأيدي، لتأكل من ثمارها، وتنثر بذورها في كل مكان.
ويجد الربيعي "الأسرة" تاريخ مضيء حافل بالإنجازات التي شعت على منطقة الخليج، وكان لها قصب السبق، وفضل الريادة كونها أول مؤسسة مجتمع مدني ذات طابع ثقافي في منطقة الخليج، وعلى امتداد سنوات عمرها لم تشعر بالوهن، ولم تقف عند نقطة معينة، بل واصلت عطاءها، وبرامجها، ومشاريعها، رغم تلك الأحوال، والقلوب في منطقة هبت عليها عواصف عديدة، لكنها ظلت مصدر إشعاع ثقافي. كل عام والأسرة، والأدباء والكتاب البحرينيون بألف خير، وألق.

يوم الوفاء

وبالنسبة للناقد محمد بودي رئيس مجلس إدارة نادي المنطقة الشرقية الأدبي بالمملكة العربية السعودية، يشكل الاحتفال باليوبيل الذهبي للأسرة، يوم الوفاء للذين أسسوا هذه المؤسسة الثقافية التي خلدت المشهد الثقافي ليس البحريني بل الخليجي، مضيفا: عندما تحدث الناقد والشاعر الدكتور علوي الهاشمي عن نيته إهداء مكتبته وإرشيفه، للأسرة، دلل على تماهي المثقف البحريني مع هذا الكيان الجميل. ونحن اليوم اختلطت بنا مشاعر الحب بالحزن، الحزن لوفاء هؤلاء الذين حفروا على الصخر لتأسيس هذا الكيان والفرح لأننا نشهد خمسين عاما من العطاء والبذل والتقدم والرقي والابداع والاكتشاف.
ويؤكد بودي على التأثير والتأثر بين الحركتين الأدبيتين في البحرين والسعودية، وعلى الالتقاء الثقافي الكبير، الذي عكسته المهرجانات واللقاءات والتاريخ المشترك، لافتا بوجه خاص، إلى انطلاق بواكير النقد في الخليج العربي، من مملكة البحرين، حيث رصد الناقد الدكتور إبراهيم عبدالله غلوم هذه الظاهرة في كتابه (المرجعية والانزياح)، مبينا العمق التاريخي لها وأثرها وتأثيها على الدول الخليجية.

مستقبل مشرق

في السياق نفسه، يتوقع الناقد العماني د. مبارك الجابري، مستقبلا أكثر إشراقا لأسرة الأدباء والكتاب، فهي من أعرق الأسر في الخليج، ولها تاريخ من الصعب أن نتصور له مستقبلا غير مشرق، مستدركا: لكن بطبيعة الحال لابد أن يتجدد خطاب الأسرة، لابد أن تفتح أفقا يتسع لجميع الأصوات، فهذا الاسم العريق الذي كونته خلق لها مكانة عميقة في نفوس الناس، جعلهم يطلعون على أعمالها وعلى كتابات كثير ممن ينتمون إليها.
وشدد د. الجابري على أهمية الوصول للشباب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصا مع توافر تجارب إبداعية رائعة في البحرين تتلمس طريقها، يأمل لها أن تكون علامة فارقة في الشعر الخليجي بشكل عام.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى