ياسين الخراساني - يوميات الشِّعر الحزين

ليالي المدينة شَتويَّة
مطرٌ ينبضُ بالرُّعود و الوَميض
كم من الشُّموسِ أعْطَيتَنَا أيُّها الليلُ
كم هاجرت إليك من فَرَاشَةٍ مُضيئَة ..."
قالَ عَاشِقُ المدينة
قالَ و انزَوَى وَرَاءً...
بدايةً هَوَى دونِ قَصْدٍ
كداليةٍ تُحبُّ التُّرابَ و النَّشيجَ المَسَائِيَّ
كان عشيقَ طنجةَ في سِرِّ ليلِها و العَناقِيدِ
أومَأَ نَحْوَها فأدْركَتْ مدى حُبِّهِ
أنسلَ الغُيومَ منها طُيورًا تَحُومُ و تَهْوي
و أنسَلَهَا شَعْبهَا منَ الرِّمالِ
لتَذكُرَ عصرَ الحِجارَة العَظيمَة.

بدايةً تطابقا في سُلوكِهِمَا نَحوَ فِعلِ الحَمَامِ
كانَ إذا نُودِيَ الواحدُ تَنَاهى إلى المَسَامِعِ صَوتُ اثنَين
ثمَّ صَوتٌ واحدٌ
ثمَّ أصبحَ الصَّوتُ صَمْتًا
و صارَ الصَدى حجرًا
و الحِجارَةُ كالهَواءِ
و الهَوَاءُ كالفَنَاءِ
و الفَنَاءُ أثيرًا
و صارَ الفناءُ أثيرًا
و صارَ أثيرًا
و صارَ كما الشَّيءُ و الضِّدُّ نفسُه.

"صَنعتُكَ كالوَجْهِ و التُّرَابِ لتَنْمُوَ في صَدركَ الصَّغيرَ
أكثرَ ممَّا سَتَنمُو عَلَيَّ ..."
قالتِ الأرضُ حَكيَهَا الأخيرَ و انْصَرَفَت ...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى