عبد الرحمن مقلد - تلك اليَد.. شعر

«أنا لا أتمنى غير يَد..»
لوركا


يَدٌ كالتي في يَدي
تنتهي بالحرارةِ والاتصالِ
يدٌ كـ«الحنانِ» تحيطُك
تملأُ هذا المجالَ الكبيرَ
وتنقذُ خطوكَ من عثرةٍ تلو أخرى
يدٌ مثلَ تلك الحكيمةِ
تسبقُ سربَ الطُيورِ
الحنونُ
القويةُ
تلك التى أنقذَتك
وشدتْ على مِقودِ العَجلاتِ
فلم تنحرفْ للسقوطِ
يَدٌ صفعتَك فلم تتأخرْ عن البيتِ من بعدها
يدٌ خاطفةْ
أنارتْ على أمِّ عينك
إذا ما تراها تفرُّ وراءَ السريرِ
يدٌ من حجارةِ بيتٍ قديمٍ
تعيدُك
محمولةً خفقاتُك حتى الوصولَ
وتمسكُ بالسقفْ
تَسندُ ما يتداعى
يدُ الطمأنةْ
أنك لن تتواسدَ هذا الحطامَ
وأن البنايةَ مشمولةٌ بالعنايةِ
أن الشقوقَ هوائمُ
لا خوفَ منها
يدٌ عارفةْ
إذا تمنحُ الطيرَ إرشادةً
تتقصى مسارَ الدوابِ
وتنحتُ في الصَخْرِ وجهًا
ليخفى الوجومُ
وتُوقظُ روحَك قبل امتدادِ الحريقِ
يدٌ كالنبوءةِ تأتي غدًا
لتكون الدليلَ
على أن في رحلةِ الخوفِ بعضَ فوائدَ
إذ أسرجتْ في الظلامِ قناديلَها
لحقتْكَ وكنت نسيتَ الوعودَ
يدٌ للغريقِ المُعلّقِ في قشةٍ
أفلتتْ قدمَاه
وخانَ الدرجْ
«يد الله» *
إن خالفتْ ديدبانَ الوجودِ
إذا خطفتَ من وراء الجميعِ الثمارَ
وغطتْ هروبَك
أو أدخلتْ كُرةَ الضعفاءِ بمرمى العدو
..
يدٌ حلوةٌ للصبيَةِ
تمسكُ بالكادِ
سبابَة الآبِ
تمسحُ وجهَ الرَضِيعةِ
لكنها بعدُ ليستْ رسوليةً
كالبياضِ
فيبرأُ منها البكاءُ
يدٌ لابتكارِ الحيلْ
خمسون يَدْ
بها بهلوان وخفةْ
لها أن تخبي المناديلَ
أو تخلقَ الطيرَ
تلعبُ بالعملةِ المعْدِنيةِ
تدفعُ في بعضٍ رُوحٍ
قليلَ الأملْ
يدٌ للتصالحْ
تُربِتُ فوق الكَتفْ
من بعيدٍ تُمسّي عليك
وتأخذُ منكَ السلامَ
يدٌ تعرفُ الاعتذارَ
تُصاحبُ قلبَك
تأخذُ كَفّ الصَغيرِ
إلى جولةٍ في القصيدةِ
ثم تخونُ
وتسحبُ منك الثمُاَلةَ
تتركُ
هذا الكيانَ المُدَلّى
هناكَ
يدٌ خائنةْ/
كادتْ تضللُ هذا المساءَ
خيارَك
ليس تَرى دورَها
تتواطأُ حينًا عليك
إذا خدعَتْها اليدُ السلطويةُ
حطتْ عليك الذراعَ
رَمتْكَ إلى الحافلةْ
أين تلكُ اليدُ السافلةْ
..
من سَديمِ السماءِ تَلوحُ
لكَفِّ المغامرِ
تقربُ كلُّ يدّ لاختِها
فلا تَصِلانِ
ولا تَبْعُدَانْ
يَدٌ عاندتْ كلَّ يَدْ
تَدوسُ الزنادَ
وتَفْجأ من آمنتها *
تَدسُّ لصاحِبها السُّمَّ
غَنَتْ لرُوحِ الصغيرِ
وسدتْ مسارَ النفسْ
سرتْ كالحريرِ
على عُنقٍ واطئةْ
وعادتْ بنافورةِ الدمْ
يدٌ ساخنةْ
تَتَشَهَّى الحرارةَ فيها
وترفلُ فيها النُّهودُ
وتعرفُ كلّ مسارٍ بعيدٍ
إلى موطئ الشَهَواتِ
يدٌ يتدلى عليها الغَدِيرُ
يدٌ كالوِسَادِ
إذا وَدَّ خَدٌ قليلَ النُعَاسِ
يَدٌ بَضَّةٌ/
يَدٌ بَاردةْ/
يَدٌ للسُهَادِ/
يَدٌ تَتَعلمْ/
يًدٌ تَرتجفْ/
يَدٌ تَتَدَلَهُ وَلْهَانَةً
لتكونَ صَغيرَ الحَجَلْ
على كَفِّ هذا الرَجُلْ
أيادٍ ذواتُ جمالٍ
عرفن حكايا الصبي الخجولِ
فداعبنه كلَّ يَومٍ
وأمسكْنَ منه السَحَابَ فأمطرَ
ثم تسرّبَنْ خلفَ الستارِ
يدٌ مثل تلك التي لوَّحَتْ من بعيدٍ
وراء الجدارِ
وقالت لك الآنَ فِرْ
إذا كان جسمُك ملقى هناك
فهات يديكَ
ووزعْ على صَاحِبِ السجْنِ
ما يتبقى من الانتظار
يدٌ تدفعُ البابَ
تظهرُ مثل السرابِ
تلوُحُ
فتهرُبُ
تتعبُ
تجلسُ
ثم تَلُوحُ
وتلعبُ في إثْرها
كالفراشةِ في لعنةِ الضَوءِ
والافتِتانِ
أين تلك اليدُ الآن
أينْ
.
عبد الرحمن مقلد


* «يد الحنان» منحوتة في وسط باريس يمكن لأى مار أن يتوسدها
* «اليد الآدمية واهبة القمح تعرف كيف تسن السلاح» (أمل دنقل)
* حين أحرز ماردونا بيده الكرة في مرمى إنجلترا قال إنها يد الله
  • Like
التفاعلات: فائد البكري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى