فنون بصرية ضحى عبدالرؤوف المل - فكرة فضاءات الصورة وسر جمالياتها

يستخلص المصور الفرنسي "مارك لاغوت "( marc lagoutte) من الحقيقة الفوتوغرافية فكرة فضاءات الصورة وسر جمالياتها من حيث المرئي والقاعدة البصرية المرتبطة بأجواء الأمكنة المأهولة وغير المأهولة بمعنى الساكنة الخالية والمسكونة بحركة هي بحد ذاتها الحقيقة الخفية التي تضفي سحراً حتى على الحجارة المختلفة جوهرياً والمؤثرة في تحويل المعنى الى ما هو جمالي، وما هو باطني ومخفي من خلال وجود الإنسان في المكان ،
فلكل صورة من أعماله الفوتوغرافية معنى مفتوح على فضاءات الصورة وقدرتها على خلق المعنى الجمالي البارز من الصورة أو انعكاسات المكان عليها ، فهو يستولي على الزمن من خلال صورة لمكان يرتبط بمسألة الشكل المؤدي الى خلق معادلة فوتوغرافية ذات أجواء طبيعية وعفوية ولحظية، لفكرة تتضح من خلال تشكيل المكان في الصورة الفوتوغرافية التي تحاكي غياب الإنسان وحضوره عبر الزمن في المكان نفسه، وببساطة شديدة كشف الحجاب الزمني عن المكان دون أن يتخطى الشخصيات أحياناً، وان غابت في صور اخرى . فهو لا يسرد فوتوغرافياً من خلال لقطاته، بل ! يتخطى الأشخاص، مصوراً الخلف أو الراحل منهم أو ممن تدل صفاتهم على وجودهم المتنقل من جيل الى جيل في المكان نفسه . فهل يحاول القول أن الزمن والإنسان كالثابت والمتحرك في المكان . وهل المكان هو الثابت والإنسان والزمن هما متحركان ؟
غياب وحضور، وأرصفة وحجارة وطرقات وجدران وأشجار، ومسير غامض في صور ذات معاني تلتقي مع الكائن المختلف او كينونة الوجود المرئي في الصور بغض النظر عن ماهيته دون التخلي عن المعنى والموضوعية في الإتجاه البصري للصورة وأشكالها المتنوعة عبر الامكنة ومصطلحاتها الفنية من خلال العلاقة بين الخطوط والإنعكاس والابعاد، والعلاقة بين المعنى البصري والصورة بحد ذاتها، وما بين الرؤية والوضوح المرئي يحكم الذوق الجمالي على جودة معايير الصورة، ومفهومها الرياضي أو المتناقضات الرياضية قريب وبعيد أو كبير وصغير وصولاً الى الظل وما بين موجود أو غير موجود، وهذه فلسفة خاصة يلتزم بها "مارك لاغوت" في ميزة عدسته ومعاييرها للضوء لالتقاط الظل أو إثارة الضبابية او الكشف عن جمالية المكان ليلا ونهاراً . مما يضاعف التأمل وقوة الاستكشاف والإحساس بالمكان وجماليته في آحادية ترتبط بالإمتداد اللانهائي لأهداف الصورة المكانية الباحثة عن الزمن أو إعادة تشكيل الإنسان في كل مرة من خلال المكان الماضي او الحاضر . مما يترك المستقبل للانسان والزمن . اما المكان فهو لعبة الصورة او فضاءات حقيقية مؤقتة لاحتواء المشهد او شخصياته الممهورة في امكنة يمكن استبدالها ، وهذا ما يحدث حاليا في تحديث تقنيات الصورة الفوتوغرافية . الا ان التزام مارك لاغوت بحب الامكنة او الشوارع او لانهائية مرئية هي الغموض المرحلي لعدسة تبحث عن التتابع او عن الزمن المفقود في عصر خرجت الصورة منه. فهل حاول" مارك لاغوت" اكتشاف أمكنة الانسان في كل زمن من خلال الانسان نقسه المتشابه مع الطبيعة . ام أن الامكنة هي من صنع الانسان الذي يضعه مع الإشكال ومعانيها؟
عند النظر على مستويات الصورة في أعمال الفوتوغرافي مارك لاغوت " نلمس التداخل بين الفترات الضوئية وأخرى المتخذة من الظل محاكاة لها، ليحضر الضوء الزمني كما يحضر الإنسان في صورة ما بين مساحات يحددها ، كتفاصيل هي خصوصيات المرحلة وتوليفاتها مع الدلالات، كنوع من التكافؤ بين المكان والإنسان في كل زمان . على الأقل ضمن افتراضيات تخيلية تتحد مع الواقع وتتوحد مع الفراغات التي يتركها أو الخطوط الوهمية الأخرى التي تضعنا أما لا نهائية الزمن والانسان ضمن المكان نفسه او ضمن الطبيعة وقدرتها على استقطاب النظر والحواس. لفك شيفرة المكان الذي يضعه في اطار يتجدد مع كل نظرة اليه من المتلقي وباحتراف واقعي يرصد من خلاله تخيلات زمنية في الأمكنة نفسها واهمها الأحياء الضيقة والمقاهي والموقف اللحظي او المعتمد على سرعة اللحظة التي تؤلف المشهد الميلودرامي فوتوغرافياً، وحتى ضمن العدد واحد وأربعة غالباً ، وأحياناً ضمن التوازن مع الحجر والبشر وجمالية الإنسان في كل مكان وزمان، وبسحر تصويري يشهد على جمالية الحياة ونبضها بشاعرية تتلخص بالصيغة الفنية للمكان وسر كينونتها الخلاقة بصرياً .فهل من نص فوتوغرافي تكتبه العدسة لتاريخ تعجز الأمكنة فيه عن الاحتفاظ بالزمن، وأين الإنسان من تاريخية الصورة بين المكان والزمان؟




ضحى عبدالرؤوف المل يستخلص المصور الفرنسي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى