عبد القادر الغزالي - الفراغ سيرة الحروف

-1-
مَحَجة

للمُرورِ مَحَجةٌ بَيْنَ الظلال.
الكَواعِبُ أدْرَى بِشِعابِ الغِوَايَةِ
لِذلكَ تأكلُهُن المسافةُ:
زُمَراً... زُمَراً..
مِثْلَ الْحَشْرجاتِ التِي تَمْضِي...
في الفَيافِي شارِدَة.
للحُب أعْلامٌ وَألْوِيَةٌ.
وإذا انْهارَتِ الأحْصِنَةُ
لا يَنْسى المَوْتى مَعاطِفَهُم بِالمَقْبرَة.
يَنْمُو العُشبُ فَيدْعونا الحُب
لِنَمُر عَلى الدنْيا مُرورَ السحاب.

-2-
بَهْلَوانٌ
وَديعٌ هَذا البَهْلَوانُ
يندُبُ دَوائِرَ الزمَن..
تغْويهِ هاته القادِمَةُ مِنْ إعْصارِ اللذَة،
فَينْقذِفُ كَشَظِيةِ لَحْمٍ لا تَعْرِفُ الفِراسَة.

-3 -
مُصارِعٌ
هذا المُصارِعُ قِديسٌ؛
يملأُ الفَضاءَ،
مِثْل الفَجِيعَةِ
يَنْتَقي ضَحاياهُ مِنْ بَينِ الجُثَث.
مِثْل "إيكارَ"
تُرْديهِ المَشيئَةُ في بِئْرٍ سَحِيقَة....
يَحْبو .. يَكْبو..
يُزلْزِلُ الأرْضَ مِن تَحْتِه؛
لكنْ مَع العاصِفَةِ تَبْلَعُهُ الرمالُ..
يُريدُ فَك الترابُطِ لا يَسْتَطيعُ.

-4-
الحَرْفُ
حَد بَيْنَ الإقامَةِ وَالرحيلِ
وَإنْ غابَ الكَلام.
مَهْما طالَ الدرْبَ لا يَسْتَقيم؛
لَكِن الألِف مُشاكِسَة،
تُعاكِسُ الرسْمَ،
تُقيمُ بِلا زَوايا
وَكأنها نِداء،
أو تَسْبيحَة مِنْ رَحِمِ الوِلادَة.

-5-
الفَراغُ
الهَباءُ كِتابَةٌ هِيروغْلِيفِيةٌ
والفَراغُ تاريخُ صَمْتٍ حَكِيمٍ،
حِمَمٌ تُلاحِقُ الظلال.
كالفِراسَةِ تَمْحو هِباتٍ مَدْفونَة
في جُثةِ الوَقْت.
لا تُجْدي الغَرابَةُ بَعْد النفاذِ:
" نَفاذ الحيلَةِ وَالحُلْمِ"
لا بياضَ في هَذا المَدى،
نَفْتحُ الكتابَ فتتطايرُ الحممُ.
لا طرائدَ في هذا الليلِ
ننصبُ لها شَركَ الحلم.
لا مفاوزَ في هذا التيهِ
نَغْزوها بِحِكْمَةِ التسْريح:
" تسْريح الشعْرِ أو التسْريح مِنَ الخِدْمَةِ.."
لِذلِكَ تَتطاير نُطَفٌ
وَالنساءُ بِلا عُهْدَةٍ
يَنْشُرْنَ غَسيلَ البارِحَة.
لا يَتصاعَدُ معَ العاصِفَةِ البُخارُ،
لا تَتدلى خصلاتُ العَذْراءِ،
لا يتَفَجرُ ينْبوعٌ
يَمْحَقُ صورَةَ " نَرسيسَ"
لا .. لا ..
لنْ تُهَشمَ الآلهَةُ التماثِيل.

-6-
هَذِهِ..
هذه المُتكئَةُ عَلى جِدارِ الحُضْوَةِ
أميرةٌ مِنْ سُلالَةِ المَماليكِ،
تَمُد ظَفائِرَها لِلْقَبيلَة.
هذه المَنْذورَةُ لِلْفِداءِ،
لا تغْويهَا الحِكايَةُ،
هي شَجَرةٌ في المَدارِ:
جُذورُها حُب
وَطلْعُها إعْصارٌ،
لا تُجيرُ مَنِ اسْتجارَ؛
فَتَعلمْ كيْفَ تُخْمد هَذا النداءَ.
كيفَ تَمْضي خَفيفاَ،
بِلا نَرْدٍ أوْ ألواحٍ...
كيف لا تُبالِي بِالخَسارَةِ.
وقْتُكَ هُناكَ... لكنكَ هُنا...
تَمْضي وَئيداً إلى حَتْفِك.

-7-
لا بَأْسَ
إذا راوَدَتْكَ الطمَأنِينَةُ
لا تَسْتَلْقِ عَلى بِساطِ الثلْجِ ..
لا تَضْجَرْ إنْ طالَ المقامُ..
أوْ تلاشَتِ الشباكُ..
لا تُرْخِ العِنانَ للريبَةِ.
سَتَكونُ مَرْعوباً لا بَأْسَ
سَتَخْرجانِ معاَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَة.
عَلى عَجلٍ لنْ تُوَدعا الأهْلَ..
وَإذا ضاقَتْ بِكُما الأرْضُ
غَربْتُما فِي أقاصٍ هَائِلَةٍ.

-8-
ثلاثيةٌ
البحرُ في الكأس جوهرةٌ سوداءُ.
الصرحُ مفتاحُ الخرابْ.
الاغترابُ تحديقٌ منْ نافذةِ السماءْ.

-9-
حيْرةٌ
يا أسراراً بألوانٍ قُزحيةٍ
تعرفينَ يعرفُ
أن زئيرَ الأسودِ
تأشيرةُ محبةٍ خارجَ الحدودِ،
صك للخُروجِ.
أيتها العتمة المتدليةُ كالقدرِ؛ كمْ تمْرينٍ يلزم لترويضِ القوةِ
والرقةُ كيف تلجمُ الانتقامَ؟
أيةُ سعادةٍ تلهيكِ أيتُها الساحرةُ الأخطبوطُ.
بركان في تداعيات التوحد


* عن ( أنطولوجيا شعراء وجدة) من اعداد الشاعر بوعلام دخيسي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى