محمد بشكار - رسائل الكُفْران!.. ( الجزء التاسع)

1
وأغْربُ ما تُعبِّر به بعض النِّساء عن جهْلٍ يصل للدَّرك السَّافل من الوعي، أن تُشْهر عن أقوى ما في جسدها للدِّفاع عن نفسها لحظة اشتباكها مع أحد الرجال، وبينما يُحاول الجميع فكَّ النِّزاع وحَصْر سيْل السَّباب المُتدفِّق نتِناً، تنْبري المرأة حتى تنْعزل قليلا عن الجُموع دون أن تكتفي بفمها المفتوح بسعة السماء، وترفع من أسفل ثوب (قشَّابتها) وتُنزل سروالها ثم تُسدِّد بمُؤخِّرتها عارية لوجه الرجل المذهول وهي تصيح: ها ما تُساوي!
وتقصد بهذا الإبْراز الفاضح في لحظة غضب أعْمَتها عن رؤية ما حولها، أن غريمها لا يستحق من كل مناطق الجسد إلا أقذرها، وأذكر أن الرجل الذي صادف مروري اختباره لهذا الموقف التاريخي، قد جمد مصدوماً بعد أن صعقتْه المرأة الوقحة بهذا السلاح غير المُتوقع، مضى دون أن يزيد كلمة واحدة وربما خرس للأبد!
لكن ما أنا واثق منه أن أبناء الحي جيران المرأة، قد فكُّوا شفرة قناة جديدة للتعرِّي، وما عليهم في كل مرة تهفو أنفسهم لفرجة بالمجان وعلى الطبيعة، إلا أن يختلقوا المعركة مع هذه المرأة التي تنفعل لأبسط حركة!
2
الكتابة كالخمْرة تلعب بالرؤوس، أقصِد من يحْمل مع القلم كأسها !
3
أمام الفشل الذَّريع الذي عرَّى عن سوْءَة البحث العلمي في أعظم الدول، وأمام عُقم العقول الذي حال دون اكتشاف لقاح يلقِّح البشريَّة بمناعة حيوية تواجه فيروس كورونا، بدأتُ ألاحظ اتِّساعاً غير طبيعي في أعين الناس ليس اندهاشاً أو عجباً ولكن تشكيكاً في كل ما تحقَّق من اكتشافات علمية على مدى التاريخ، وأبصرتُ العالِم الفيزيائي "غاليلي" يُحاكَم من جديد دون إكليروس في الكنيسة، وأنا أسمع أحدهم من بني جلْدتي وأحوج للسَّلخ، يقول كأنه أتى بإعجاز علمي، إنَّ كل ما قيل وما شُوهد عن وصول البشر لسطْح القمر مجرد خُدع هوليودية من صناعة أمريكا لتوهمنا أنها قوة عظمى في العالم، وإنَّ الأرض لا تدور وليست كُروية إنما مُسَطَّحة، ولو كانت تدور لأوصلتني من المغرب إلى الصين وأنا واقف مكاني، حينها أدركتُ أن الرأس التي يحملها بين كتفيه هي وحدها الكُروية دون باقي الكواكب، ولكنها كالكُدْية لا تدور وتسْتعصي أيضاً على الفأس !
4
حَظِّي عاثرٌ مع بعض الناس الذين يفضِّلون الضَّرب تحت الدُّفوف عِوض الرقص بوجه مكشوف!
5
طيلة الحجْر المنزلي، كانت الوصْلة الاشهارية لا تكفُّ عن القول خوفاً على الناس من عدوى كورونا: ابْقَ في الدار، بينما كورونا الأشد فتْكاً تعشِّش بوبائها في الدار، وقد فات صُنَّاع الكِمامات والعمامات والسَّوائل التي لا تُعقِّم القلب الانتباه لخطورتها، والدليل تَراكُم عدد ملفات الطَّلاق المعروضة اليوم على أنظارالمحاكم منذ بداية الحجْر المنزلي، وما ذلك إلا بسبب اندلاع العُنف الزوجي الذي أسقط الكثير من الأعشاش من أعالي الشجر ومزَّق الأُسر، كان أجْدر بالوصلة الاشهارية التي فاتها الانتباه لتفشِّي هذا الوباء بين الجدران، أن تُعدِّل من نصيحتها للناس بالقول: ابْقَ خارج الدار!
6
أرجو أن أكون واهماً، ولكن يُخيَّل إليَّ وبعض الخيال يقينٌ أحياناً، أنَّ قِوى عالمية تُسخِّر بعض الأبواق الإعلامية وتُورِّط حكومات البلدان المُسْتضْعفة في الضغط على شعوبها بتمديد الخديعة، للحفاظ على ما تبقَّى من كورونا، فاستمرار الوباء ولوْ عن طريق البروباغنْدا الإعلامية هو المُبرِّر الرُّهابي الوحيد والقِناع المُقْنِع، لضمان بيع الدواء أو ترويج لقاحات على وشك أن يكون عرضها بالسوق العالمية بوفْرة أقل من الطَّلب !
7
الجاهليَّة ليستْ مُجرَّد مرحلةٍ سبقتْ الإسلام، ولكنها فكرةٌ تتوارثُها العقول ووجدتْ مرْتعها الرَّغيد في النفوس، وكأنَّه صار لِزاماً على الفرد أن يُمضي جزءاً من حياته في الجاهليَّة قبل تطبيق التعاليم الإسلامية بإيمان عساه ينجو بحُسْن الخاتمة آمين !
ولا يُمكننا الجزْم بأن الجاهليَّة تولَّتْ بمجيء الدِّين الجديد، والدليل أن المرحلة التي بينهما ما زالتْ ساريةً بحضورها النَّفسي لدى الغالبية في المجتمعات الإسلامية، لذلك تجد من يُصيب كلَّ المُتع التي يُحَرِّمُها الدين في ما يُشبه الشعائر أو الطُّقوس الشخصية، وهو يَحْمِل في فكره أو لا وعيه مرحلة الجاهلية التي لن تنتهي إلا حين يُلبِّي كل الإشْباعات، ولن تنتهي أبداً ما دام المجتمع يضع في خانة المُنْكَر كل ما يعتبره غيرنا حقا مشروعاً في حياة طبيعية، أليس مما يبعث على الشَّفقة تفريخ أجيال غير واثقة من نفسها وهي تعيش هذا الصَّدع النفسي، إسلامٌ في الظاهر وجاهلية في السِّر !
8
أحدُ المُتوارين في قائمة أصدقائي بفيسبوك، يضع في بروفايله صورة يُصوِّب من خلالها الأصبع الوُسطى للجميع، وحين يَحدُث لا قدَّر الله ويخرج من تواريه ليبْصم أحد منشوراتي، أجدُ صعوبةً في اعتبار حركته الخفيفة إعجاباً وهو يُشْهِرُ وُسْطاهُ استياءً من العالم!
9
أكثر من واقع غريبٍ طفا للسَّطح في زمن كورونا، وأغرب واقعٍ طفا في وعْي بعض البشر، فصار سطحيّاً عِلْماً أنَّ هذا الوعي لم يختبر يوماً شِبْراً في الأعماق، هو اعتبارهم الامتثال للسُّلطة ضربا من الوطنية ولو ضربتْ أبْسط حقوق الإنسان شططاً، والخوفُ كل الخوف أن تستمر هذه العقلية الميْؤوس من حريتها حتى بعد تَوَلِّي زمن كورونا، وتَمنح للسلطة فرصة ذهبية لسلب المزيد من الهواء!
10
أعلم أنَّ بعض آرائي يحتمل الصواب كما قد يحتمل بعضها الخطأ، فإذا لم أكُنْ في رأيي مُصيباً يكفي أنْ أقُضَّ المضاجِع فأكونُ مُصيبة !



...............................
افتتاحية ملحق "العلم الثقافي" ليوم الخميس 2 يوليوز 2020
................................
رابط الملحق على موقع جريدة العلم:
https://alalam.ma/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85-2-%D9%85%…/


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى