محمد صابر - أحلام السادسة مساءً 2

بين الحقول

رأيتنى أمشي بين حقولٍ من الشجر المحروق، و كان الليل دامساً لا وجود لقمر بسمائه، الأرض يملئها الرماد الناتج عن الحريق، أسمعتأوهات و أنين مكتوم، إتجهت إلى مصدر الصوت و إذا بها إمرأة ذراعيها مقيدتان بشجرة و جسدها عارى ملطخ بالرماد الأسود تجلس علىأربع كالحيوانات.

حاولت أن أفك قيودها نظرت إلىّ و بالكاد سمعت صوتها
أُتركنى و أرحل أُتركنى و أرحل

أشعر أنى أعرفها، أشعر أنها من لحمى، إعتصرت عقلي لأتذكر و لكن دون جدوى، كان القيد مهترئًا و لكنه لا ينفك، جلست بجوارها علىالأرض و نظرت بكف يدى الملطخ بالرماد الأسود، أحسست بضعف قوتى و قلة حيلتى و ضيق بالتنفس، ثم نظرت الى الحقل المحروق و إذابكل شجرة أنثى مقيدة بنفس الشكل و نفس الجلسة.

حاولت أن أنهض من مكانى قاومتنى الأرض اللزجة التى بدأت بإمتصاصى، تمنيت أن يأتى أحدهم لمساعدتى لفك قيود كل النساء الذينراحوا يرددون
أتركنا و أرحل أتركنا و أرحل

قاومت وقاومت حتى غاص جسدى كله بالأرض اللزجة و كأنها مزيجًا من الرماد و الدم فأغمضت عينى.
ثم رأيتنى أقف خارج الحقل وسط المقابر على يمينى نور و كأنه لمدينة بعيدة و على يسارى الحقل المحروقة أشجاره، و أنين النساء وتئوهاتهن ينفذ داخل صدرى.
ركضت بإتجاه الحقل فإذا بصبار المقابر يتشكل على هيئة عملاق تملئه الأشواك، حملنى لأعلى ثم هوى بي الى الأرض فتفتت.

ثم أفقت.
#kheater_saber

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى