د. عادل الأسطة - الست كورونا : عيد كوروني تماما (٣٩)

احتفل المسلمون أمس بعيد الأضحى المبارك ، وكان احتفالهم احتفالا ذا ظلال " كورونية " ، فلم تبث الفضائية الفلسطينية مثلا ما كانت تبثه في الأعياد السابقة التي لم تكن الكورونا فيها معروفة على أنها وباء وجائحة شائعة في العالم كله ، لم تبث لقاءات من مكة مع حجاج فلسطينيين يسلمون على أهلهم و يطمئنونهم على سلامتهم وصحتهم ، ولم يصل أيضا ربع مليون فلسطيني ، أو أقل قليلا ، في الأقصى.
ولأول مرة منذ عقود تقريبا اكتفيت شخصيا بزيارة أخواتي المقيمات في نابلس ، فلم أزر بناتهن المتزوجات أو بنات إخوتي ، كما لو أنني أخذت بالنصائح المقدمة من الجهات الصحية ، وغير الصحية مثل نصيحة القاص محمود شقير ، لكبار السن . هل لازمني خوف ما ، على نفسي وعلى الآخرين؟
شعائر الذبح مورست كالعادة وأغلب الظن أن اليوم سيكون يوم شواء لحومها ، ولست متأكدا إن كان اليهود الناجون من المذابح النازية ، إن بقي أي منهم على قيد الحياة ، يأكلون اللحم مشويا ، فكلمة " شواء " تبعث الرعب في نفوسهم وتذكرهم بالمحرقة ، وأظن أن الروائي ربعي المدهون جامل الإسرائيليين في روايتيه " السيدة من تل أبيب " و " مصائر " وممن كتبوا عن كلمة " شواء " الروائي اللبناني الياس خوري في روايته " أولاد الغيتو : اسمي آدم " و " نجمة البحر ".
سبحان الله فقد صرنا ملمين إلماما لا بأس به ب " الكورونا " وبالتاريخ اليهودي الحديث منذ " البوغروم " إلى " الهولوكست " وعانينا من الاثنين - أي الكورونا ونتائج البوغروم والهولوكست - معا ، ومصائب قوم عند قوم " مصائب" لا فوائد.
في زمن مذابح صبرا وشاتيلا في أيلول ١٩٨٢ كررنا قول المتنبي:
" عيد بأية حال عدت يا عيد
لأمر مضى أم لعهد فيه تجديد ؟!
أما الأحبة فالبيداء دونهم
فليت دونك بيدا دونها بيد "
وكررناه في زمن انتفاضة الأقصى أيام الاجتياحات ، فهل خلت وسائل التواصل الاجتماعي من ذكر البيتين؟
أمس قرأت بيت المتنبي ، وأغلب الظن أن الموظفين ممن حصلوا ، خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة ، بسبب الست كورونا وما جرته من تبعات اقتصادية ، على نصف الراتب ، كرروا قول الشاعر :
" عيد بأية حال عدت يا عيد
لأمر مضى أم لكورونا فيك تسييد
أما " الرواتب " فالكورونا دونها
ودونها رواتب الوزراء الصناديد "
هل نقص مال من عيدية ؟
وكثيرون زاروا أقاربهم وهم يشعرون بالخجل ، فالعين بصيرة واليد قصيرة ، وتردد على الألسنة أن العيد لا يعني بالضرورة " العيدية " - أي إعطاء النقود . هل ثمة عادات وتقاليد جديدة ستنجم عن الست كورونا ؟
لا عزاء ، في زمن الكورونا ، لكبار السن ، وكل أضحى ونحن بخير .
صباح الخير
خربشات
١ آب ٢٠٢٠ .


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى