علجية عيش - هل بشار الأسد رجل مزاجي؟ و لماذا انقلب النظام الأسدي على الداعية الشيخ البوطي؟

بشهادة صحافي: هكذا ورّط النظام الأسدي الحالي الشيخ محمد رمضان البوطي مع الصحافة
( البوطي كان من أكبر المعارضين للكيان الصهيوني فكانت نهايته الإغتيال)

قراءة علجية عيش بتصرف

يرى ملاحظون أنّ موقف الشيخ وخطابه تجاه الحُكام والرؤساء والملوك موقف متأصل في تفكير الشيخ ومنهجه العام، ويظهر ذلك من خلال تنظيراته، قيل عن الشيخ محمد رمضان البوطي أنه شخصية محافظة وتقليديّة، ومتحدثا عذب اللسان، يمتلك تمكنا خطابيا ومسحة روحيّة تستطيع تحريك الجماهير وتوجيهها وفق رغائب السلطة و بالتالي فهو شخصية يسهل انقيادها، دخل الشيخ البوطي في حياته معاركَ فكرية كثيرة، ما جعله موضع انقادات وهجوم من طرف خصومه، و كان أكبر خصومه السلفي محمد ناصر الدين الألباني ، و يبقى السؤال: من قتل الشيخ البوطي؟؟؟

2fcf8afd-d75c-4aa2-a5c0-171baa98be00.jpeg

المؤامرة حيكت خيوطها في أكتوبر 2010 إثر اعتقال الصحفي السوري وائل السواح، حسب تصريحات هذا الصحفي كان الإعتقال بسبب مقالات تناول فيها علاقة السلطة بالتيارات الإسلامية في سوريا و تمددها، نشرت في جريدتي "الحياة" و "النور" الدمشقية و بالخصوص قضية عقد النظام شبه اتفاق مع مشايخ دمشق بأن يتخلّوا له عن حقلي السياسة والاقتصاد، فيتخلّى لهم هو بالمقابل عن حقلي الثقافة والمجتمع، قبل إطلاق سراحه كانت مستشارة الرئيس للشؤون السياسية والإعلامية بثينة شعبان قد طلبت حضوره و في اللقاء بمكتبها بقصر الروضة أخبرته بأن الشيخ محمد رمضان البوطي هو من أمر باعتقاله بتهمة إثارة النعرات الطائفية، و أن البوطي قدم ضده شكوى أمام وزير الأوقاف محمد عبد الستار السيد، الذي طلب من رئيس الوزراء وقتها محمد ناجي العطري الأمر بتوقيفه، و حولت المقالات إلى الرئيس بشار الأسد الذي أبدى انزعاجاً شديداً، حيث أعطى أوامره بإطلاق سراحه على خلفية أن النظام السوري لا يسمح لرجال الدين بتوقيف المثقفين، من أجل القضاء على التيارات الإسلامية و التخلص من سطوة رجال الدين التي كانت تتعاظم يوماً بعد يوم.
و لأن معركة السلطة مع القوى الدينية لا تسير في مصلحة الأولى، فعلاقة النظام السوري مع رجال الدين تعود إلى بداية تولي بشار الأسد السلطة و عقد صفقة مع رجال الدين ، لكن بعد غزو الولايات المتحدة العراق في 2003، أصيب الطاغية السوري بالرعب من مصير مشابه لمصير صدّام حسين، فلجأ إلى رجال الدين من أجل تجنيد سوريين للقتال في العراق، في هذه الفترة و شيئا فشيئا بدأت الحكومة السورية تقدّم التنازل لاسترضاء رجال الدين، فسمحت لصحاب العمامات و اللحي ببسط نفةذها كما في العراق ز فلسطين و إيران ، كان رجال الدين والعلماء والناشطون الأكثر تأثيرًا في الجمعيات الدينية، معظمهم من أبناء عائلات بارزة في مدن حلب وحماة وحمص ودمشق على وجه الخصوص، يغلب عليهم الطابع البرجوازي المديني، وهي البيئة نفسها التي انتشرت فيها جماعة الإخوان المسلمين ونشطت آنذاك، وهي أيضًا البيئة نفسها التي خرجت منها النسبة العظمى من رجال العمل الوطني السوري الناشئ، الذين خاضوا الصراع السياسي مع سلطات الانتداب الفرنسي، وقادوا البلاد خلال السنوات التالية للاستقلال، و كان بشار الأسد يقفز من حبل الدين إلى حبل العلمانية، فتراه تارة علمانيا متشدّدا وطورا متدينا، و قد وصفه الكاتب بـ:"البهلوان الرديئ" .

ملاحظات/
ما لم يشر إليه هذا الصحفي هو لماذا اختار النظام الأسدي البوطي دون غيره؟، و ماعلاقة الأسد بالبوطي؟، هل لكونه رجل دين أم لأمور أخرى خارج اتيار الحركي، لاسيما و التقارير تؤكد أن حرب النظام السوري مع التيارات الإسلامية قديمة تعود إلى الرئيس السابق حافظ الأسد، بعد تصاعد الاستقطاب الطائفي في سوريا و انقسام التيار الإسلامي إلى قسمين، أصبح فيه الوجه السني-الشيعي للصراع في الإقليم فاعلًا أساسيًا في الصراع السوري، وأصبح الوجه السني- العلوي للصراع على السلطة في سوريا واحدًا من مفرداته الكثيرة، هذا الأخير سمح لحافظ الأسد من أن يفرض هيمنته على البلاد، من خلال تمكينه لضباط علويين من مفاصل السلطة العسكرية والأمنية التي بدأت تتغوّل وتتوسّعُ في البلاد على حساب الحريات العامة، ما يمكن الإشارة إليه أن جل التقارير و الكتابات تحدثت عن وجود علاقة حميمية بين نظام الأسد و العالم الجليل محمد سعيد رمضان البوطي الذي وصف بأكبر عمامة في سوريا، باعتباره صاحب الصوت الأرشد والموقف الأعمق من الثورة السورية، و هذا جراء وقوفه مع نظام الأسد والدفاع عنه حتى آخر لحظة من لحظات حياته، أمر يدعو لتحليل هذا الموقف ورصد الأسباب التي أفضت إلى ذلك، و لذلك يرى عزمي بشارة أن دعم البوطي للنظام قيامه بعدة قرارات إصلاحية، مثل: تأسيس معهد شرعي في دمشق، وإعادة مئات المعلّمات المنتقبات والمنقولات من سلك التعليم إلى العمل التعليمي مجددا، وإغلاق كازينو دمشق.

من هو الداعية محمد سعيد رمضان البوطي؟
images
ولد الشيخ محمد رمضان البوطي عام 1929 بتركيا، وهاجر مع والده إلى دمشق في طفولته ودرس في مدارسها حتى حصل على الثانوية الشرعية، وأوفد إلى الأزهر للحصول على الدكتوراه، وعين بعدها في كلية الشريعة بجامعة دمشق ودرّس فيها وترأسها. كما خطب في الجامع الأموي بدمشق، و كان الشيخ البوطي ينتمي إلى التيار الوسطي، حيث أسس مدرسة أو تيار جديد، يمكن نعته بـ "التيار الوسطي" الذي ينبني على محاولة عقلنة للتصوف، و كان الأسد الأب ( حافظ) قد كلفه بإلقاء أحاديث "الدراسات القرآنية" في التلفزيون العربي السوري، هذه الإطلالة وضعت البوطي في موقع متقدم، وحمّلته مسؤوليات جديدة، إضافة إلى لفت الأنظار إليه بصورة أكبر ممّا كان عليه في الماضي، ومتّنت العلاقة بينه وبين الرئيس الأسد بشكل كبير، و كان البوطي من أمّ صلاة جنازة الأسد الأب إثر وفاته عام 2000م.
مواقف البوطي وراء اغتياله داخل المسجد
images
لم يكن الداعية محمد رمضان البوطي معروفا على مستوى أفقليم السوري أو في المشرق العربي فقط، بل بعرفه القاصي و الداني، و كانت الجزائر و بالضط مدينة العلامة عبد الحميد ابن باديس كثيرة الحظ لأنها احتضنت عالما جليلا و داعية في مستوى الشيخ البوطي و الشيخ محمد الغزالي و الشنقيطي، ليدرسوا بجامعتها الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، و بفضلهم تمكنوا من غرس النخوة الإسلامية في قلبوب الطلبة الجزائريين و طلبة من عدة دول إسلامية، حملوا على عاتقهم همّ الرسالة المحمدية، و عرفوا بمواقفهم الشجاعة في كثير من القضايا، فمن مواقف البوطي أنه من اقوى المعارضين للصهيونية العالمية والإمبريالية الأميركيّة، أو الموساد الإسرائيلي والمخابرات المركزية الأميركيّة، يقول البوطي رحمه الله: يقول الشيخ البوطي: "لم يتجه إلينا هذا العدو الذي وفد إلينا من وراء البحار في سبيل محاربة قومية، أو طمعا في أرض. وإنما توجه إلينا واضعا نصب عينيه أن يجتث هويتنا الإيمانية والإسلامية من أفئدتنا، بل من أرضنا المباركة هذه أيضا.


في 22 مارس من يوم الجمعة سنة 2013 استيقظ العالم كله على خبر تفجير انتحاري داخل مسجد الإيمان بحي المزرعة بدمشق اغتيل فيه الشيخ محمد رمضان البوطي و 446 آخرين من بينهم حفيده، كانت أكبر فاجعة هزت الشعوب الإسلامية، لم يكن العمل الإنتحاري في زمن الأسد الأببل في عهدة الأسد الإبن، و تضاربت المواقف بين سبب اغتياله، ففيما رجح البعض أن اغتياله كان مرتبطا بمواقفه المؤيدة للنظام وتأثيره على فئات واسعة من الشعب، و قال آخرون أن راغتيال البوطي راجع إلى رفضه فكرة التطبيع الكيان الصهيوني و أن هذا الأخير هو من دبر عملية التفجير الإنتحاري بتواطؤ أطراف من داخل سوريا، لإسكات صوت الحق، و ضرب أكبر دعاة الإسلام، ووري جثمان الشيخ البوطي و حفيده الثرى في المسجد قرب ضريح صلاح الدين الأيوبي.
e891b1cd-6006-442b-a394-a440c223ff54.jpeg

قراءة علجية عيش بتصرف

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى