حمادي تقوى - كِتَابُ الْمَشَاهِدِ

إلى روح عبد الكبير الخطيبي


فَجْرٌ وَحْشِيٌّ،
يُحَاكِي مُعَلَّقَةً تَفْخَرُ بِجَفافِهَا،
يَسْتَعِيرُ مِنْ الْبَحْرِعَطَبَ الْأَزَلِيَّةِ،
لِيَدْخُلَ حَانَةً بَنَفْسَجِيَّةً
تَنَامُ قُرْبَ مَرْفَإٍ يُصَدِّرُ مِلْحَ الْجِرَاحِ.
شَاعِرٌ،
- لَهُ جِنْسِيَّةُ الْوَتَرِ-
يَمْحُو غَفْوَةَ الْوَشْمِ بِبَنفْسَجَةِ اللهِ،
يُدَجِّنُ النًّدَى بِرَشْفةٍ مِنْ عَرَقِ الْغِزْلانِ.
امْرَأَةٌ،
تُسَافِرُ وَحِيدَةً مَعَ الْمِسْكِ
تَتَأَّوَّهُ مِنْ ثِقْلِ فَرَاشَةٍ أَرْسَتْ عَلَى جَفْنٍ
- مِنْ رَحِيقٍ-
تَقْرَأُ فِي بَقَايَا الْمِشْرَطِ عَلَى السَّاقِ الْمَرْمَرِيِّ،
اسْمَ الْأَمِيرِ الْمُغْتَالِ،
تُنِيرُ طَلْسَمَ شِراعٍ بِلَفْحَةٍ من هَمْسِ الشَّجَرِ
الْمَذْبُوحِ بِالْقَمَرِ.
سَارِدٌ،
يُلَمِّعُ الْمِقْصَلَةَ بِمِلْحِ السَّهْوِ،
يَشْرَبُ رَحِيقَ ضَوْءِ الْمَكَانِ،
يَتَبَرَّأُ مِنْ سَجِينٍ يَهْذِي بالصَّدَى،
يَخْنُقُ لُجَيْنَ الْحِكايَةِ الْعَمْياءِ،
يَتْرُكُهَا نَهَباً لِقِشْرَةِ التُّفَّاحِ.
عَاشِقٌ،
يَتَطَفَّلُ عَلَى الْمَشْهَدِ،
يَعْتَذِرُعَنْ عَطَبٍ فِي كَهْرَبَةِ الْفَجْرِ
عَنْ قَطْرَةٍ َتَنْدَاحُ مِنْ جَبينِ الشَّاعِرِ،
يَهْجِسُ بِعشقِ امْرَأةِ الأَمِيرِ،
يَحْكِي عن غَوْرِ سَرِيرَةِ السَّارِدِ،
يَهْمِسُ فِي أُذُنِ آخِرِالْجُمَانَاتِ:
«يَا نَسِيمَ الِّرِّيحِ قُولِي لِلرَّشَا
لًمْ يَزِدْنِي الْوِرْدُ إلا عَطَشا»1
فَصِيحٌ،
يَسْرِقُ لِسَانَ التِّيهِ الأَشْقَرِ،
يَنْقُشُ اسْمَهُ الْفَوْضَوِيَّ على نَهْدِ الْمَشْهَدِ،
كَيْ لا تَضِيعَ حَوَافِرُ الرُّوحِ-
يَهْمِسُ فِي أُذُنِ الْمَجْرُوحِ:
«لِي حَبِيبٌ حُبُّهُ وَسْطَ الْحَشَا
إِنْ يَشَا يَمْشِي عَلَى خَدِّي مَشَى»2
فَارِسٌ،
يُلْقِي عَنْهُ أَطَارِيحَ السَّوْسَنِ
وَ حُرْقَتَنَا
يُجَفِّفُ قُمْصَانَ الظَّبْيِ،
وَعَلَى صَدْرِ سِرْبٍ من مُومِسَاتِ أَصْفَهَانَ:
يَرْسُمُ لِلْقِطَافِ وَعْداً بِالاِنْخِطَافِ،
مُدَوِّناً فِي الْهَبَاءِ صَبْوَةَ الظِّلِّ إِذَا غَشَى:
«رُوحُهُ رُوحِي وَ رُوحِي رُوحُهُ
إِنْ يَشَا شِئْتُ وَ إِنْ شِئْتُ يَشَا»3


1- الأبيات بن مزدوجتين للحلاج

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى