سعد عبد الرحمن - فتنة الشوام (1)

في أواخر شهر ربيع الأول سنة 1213ھ / 1779 م وقعت مشاحنة بالجامع الأزهر بين طايفة الشوام و طايفة الأتراك ، و بين صلاة المغرب و صلاة العشاء هجم الشوام على الأتراك و دارت معركة بين الطايفتين انتهت بمقتل واحد من الأتراك و إصابة جماعة بجروح مختلفة ، فلما أصبحوا ذهب الأتراك إلى ابراهيم بك ( شريك مراد بك في زعامة المماليك) و أخبروه بما حدث من الشوام معهم فاستدعى إبراهيم بك الشيخ عبد الرحمن العريشي ( نسبة إلى العريش) مفتي الحنفية و المتكلم على طائفة الشوام ( أي المتحدث باسمهم) و سأله عما حدث من الشوام و أنه لابد من معرفة أسماء المتورطين منهم في هذه الفتنة بصفة عامة و أسماء القتلة بصفة خاصة ، فأخبره الشيخ عبد الرحمن العريشي بأنهم هربوا و عندما يظهر أحد منهم فسيأتي به إلى حضرته و كتب للأمير في ورقة عددا من الأسماء للأمير عندما فحص عنها تبين له أنها أسماء وهمية لاشخاص غير حقيقيين فعرف أن الشيخ يعمي عليه الأمر و يستغفله ، فأرسل يستدعي الشيخ العروسي شيخ الجامع الأزهر كما استدعى بقية المشيخ فجاؤوا إليه و تغيب الشيخ العريشي فأرسل يبحث عنه فلم يجده .
اغتاظ ابراهيم بك و و تكلم مع مراد بك على ضرورة معاقبة الشيخ العريشي فاتفقا على عزله من منصب الإفتاء للحنفية فعزلوه ، و لما عزلوه استبدلوا به الشيخ محمد الحريري الذي ألبسوه خلعة الإفتاء ليكون مفتيا للحنفية عوضا عن الشيخ العريشي ، و أرسلوا خلف العريشي يفتشون عنه يريدون القبض عليه لنفيه خارج البلاد .
ذهب الشيخ السادات إلى الأميرين ليتشفع في الشيخ العريشي و يردهما عن قرارهما بنفيه ، و لما علم الشوام بما جرى هربوا بأجمعهم خوفا من أن يصيبهم أذى ، و جاء الأغا فسمر رواقهم ( أي أغلقه غلقا محكما بالمسامير ) و استمر الأمر على ذلك لعدة أيام ، و وصل الغضب على طائفة الشوام إلى درجة أن المجادلة ( أي أبناء المجدل بفلسطين ) و كذلك الطبرية ( القادمين من طبرية ) منعوا من دخول الرواق .
ثم انتهى الأمر إلى حل وسط و هو أن يقطع من خبز الشوام ( الجراية ) مائة رغيف تعطى للأتراك دية لمن قتل منهم ، و كتب محضر بذلك اتفق فيه المشايخ على فتح الرواق بعد اقتضاء الدية .

يعد عبد الرحمن

* ( من كتاب " عجائب الآثار في التراجم و الأخبار " للجبرتي بتصرف )
** من الكتاب المخطوط (مائة حكاية و حكاية من التاريخ ) :

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى