عبد الحكم بلحيا - لَحْـن بَرْبَــريّ..

أنا عرَبيّ فقَطْ حينَ أدخلُ هذي اللُّغةْ
ولكنّني -خارجًا- بَـرْبــريٌّ..
فَلي نَسَبٌ في الرياح ،
وعائِلةٌ من صَمِيم الحَجَرْ ،
ولي إخوَةٌ في الشجَرْ ،
وأُمٌّ إلى الرملِ تُنمَى ،
وأُختٌ من الطينِ سمراءُ ،
أمّا أبي..
جبَلٌ راسِخٌ.. والقدَرْ
أنا عرَبيّ فقَطْ حينَ أَدخلُ هذي اللُّغةْ
فألبَسُ باءً.. إذا شئتُ، أو ألِفًا.. بمَقاسِ انْدِغامي مع الكَوْن والأُحجِيَةْ
وأركَبُ كافًا، وإنْ شِئتُ قافًا.. على حسَبِ الوَقت والحالِ والأغنِيَةْ
وألتحِفُ الحاءَ، أضْطبِنُ النُّونَ، أمشي على الشينِ، أسعَى إلى السينِ..
والعَيْنُ ترتادُ ليَ الدربَ كي لا أضِيع ببَيداءِ عُرْيِي وجُوعي
ولكنّني خارجَ الأبجديّةِ خَلْقٌ من الناسِ أكبَرْ
وأكثَرُ.. من لُغَتي وصَداها
أنا عرَبيّ.. ولكنْ فقَطْ حينَ أدخُلُ هذي اللُّغةْ
وفَحْوَايَ أوْسَعُ من صُورَتي، من مَداهـا
مزيجٌ تشَكّل من كلّ لَوْنٍ وصَوْتْ
صَعِيدٌ تَجمّعَ فيه بَنُو صِبْغتي من كُلّ فجّ وبَيْتْ
وتاريخُ قطرةِ ماءٍ.. على الصخرِ تَنْحَتُ وَجهًا، وتَقْفُو إلَـهـا
أنا واحِدٌ.. بَيْدَ أنّي كثيرٌ.. كثيرٌ.. كثيرٌ.. بِنَبْضي
بِنَبضي الّذي يملأ الأرضَ من كُلّ بَعضي
ببَعضي الذي هُوَ بالكُلّ: أرضي
وأرضي الّتي هيَ نَبضي
فكذلِك أمضي..
أنا واحِدٌ، بَيْدَ أنّي كثِير ؛
بِصَوتٍ تَناوَحَ من بُقعةٍ ما مِن الأرض
بِخَطْوٍ إلى الماء يدرُجُ مُتّبِعًا هجسَهُ
بِعَيْن رأتْ ما رأتْ في الأُفُقْ
بثَغْر تبَسّمَ مِن جهةٍ ما من الكَون فابْتسَمَ الكُلّ فِيهْ
بِكُل احْتِراكٍ، وكُلّ احْتِراثٍ، وكلّ اجْتراح..
تدُورُ على نفسِها الأرضُ بِهْ ،
يَسِيرُ على رِسْلِهِ الكَوْنُ لَهْ...
------------
2020/05/23

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى