حسن العداي - صوت من ظِلّ

أراك
بهيئة بحّار لم يرسُ على بَرّ
أما آن لك أن تتقاعد جبراً
لتعتاد قدماك على لمس أرض الولادة رغم الكثير من خطوطها المتعرجة
في شبكة لا تسرّ شهيّة
عين ذبابة
أما كفاك
تقلّب عينيك في كؤوسك المترعات
بالهوامش
تراقب انسياح طير
دارتْ حول رأسك مصفّقة
في وقتٍ يطرح نفسه أسلاكاً شائكة
فتراجعتْ تلملمُ انكساراتها
من حرب غير متكافئة
في العدّة والعتاد
ليس لها من عِشاش
وجهتها انحدرتْ خارج مداك اللامرئي
لا تلوي علي شيء
لم تصدر عن فمٌك نأمة تأوّه
والوهن يأخذ منك مأخذاً
لن يراه ويلمسه سواك
لم تتّكئ على جدار الشكاية
والظلمة سرب جراد كثيف
يتراقص هازئاً بالشمس
وأنت على مضض مع الحلم
رئة بركان تتلفظ أنفاسها الأخيرة
ومن شاهق فيك
تبعث ما خمد دون اشتعال
ولا التفات لك
ما ترهّل من أوتارك
كم ناديتك منبّهاً لك
عش واقعك اليومي بحذافيره
إقبضْ على ذراعيه
دجّنه كصقر صيد
واوسعْ من حدقتي عينيك
تفرّسْ في الأوجه بحذر
واجعلْ من ليلك اصطناع حوارات
تفلسف الربح والخسارة
وسلوك أقصر الطرق
في صناعة التحكم عن بعد
وأنْهَ عن استأناسك في رغبات الكفاف
فأراك تقتات من عطر الشعراء حروفهم
وتهمّ في جمع صورهم من شتّى بقاع الأرض
تفتح سجلّا لأسمائهم
لا على غرار حروف الأبجدية
من الألف الى الياء
تتهجّد ذواتهم
مسترسلا في نقر ابوابهم بشغف
بالرغم من إنّها مشرعة
لا وقت لها في التذاكر مع الإغلاق
وحين أقول لك أين أنت !!
تدمع عيناك
وتهرول نفسك مغبرة
ما بين الجمر والخمر
تصرخ مكتومة أنفاسك
ويجدّ بحثاً عودك في البراري
عساه يلتقط أغنية
لزهرة فينيق خرافية
تتغذّى من رماده البارد
لتعيد الكرّة من جديد
لا نار في الرماد
ولا صاحب ساير ظلّك
فعلام الجري وراء المجهول !!
تكرّر سيرة من اعتلتْ صهوة المعنى والصورة
وأسدلتْ بحيرتي بجعٍ راقص
وتناستْ حين نادت بأسمك
أوّل رجفة قلب
كانت تتمرّن بك في فكّ طلاسم حبّك
وتمضي دون القاء نظرة لها من طرف
تتركك مذهولا
يصطحباك الشك واليقين
في تمامة وضوء العشق
فتركن الى عزلة روحك
متّخذاً منها كساءً
لا أحد يقترب منها حدّ التلامس
ويقول لك
أتأذن لي بالدخول
فتدعوك الى استعارة بياض عينيّ يعقوب
في انتظار من أوشكت ذبالته من نفاد صلاحيته
وما أحاط بك من كثرة الأسماء
سيل من المواجع المباغتة
لم تلصقها على عتبة رؤياك احتياطاً
علام تستهزأ بك
وتضرب فخذيك ضاحكا
في هستيريّة مغطاة
تكوّر ظلّك
تحاور ما قاله أصحاب القول الثقيل
ذات غربتين
وتلقي عليهم . .
أين أنتم أيها الموتى
أمنحوني القليل من قبسٍ من ناركم
لأبرّد به الكلمات
الرجال التوافه
يمرّون بي كل يوم
لا ينقص يوم
لهم اليد الطولى
ولا مغيث يعجلّ طيّ أذرع القردة
ألربّما لسبب مهترأ في الغياب !!!
يدنو منك الصبح
تتنفسان معا
والمكان عصيّ في أن يبدّل ثيابه
رثاثة ما بقي
ودخولك لا يشاكس خروجك
الرؤية غير مكتملة
كتابك المقروء بلا شفاه
لا منصّة إلقاء في انتظارك
عبثاً
تستعدّ في ترقّب إمساك لحظة مغايرة
تمنحك مقعد سفر مريح
موجة بحر واحدة
لا تأرْجح فُلْكا
ربّما يستوجب ما أقوله لك
إستدرْ كفايةً يا هذا
أفتح رسالتك
شجرة يقطين
وامضِ
لكن ليس مع الريح



105

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى