رضا أحمد - شهادتي عن الشعر "أسناني تتكسّر حين أقول ما يؤلمني"

أسناني تتكسّر حين أقول ما يؤلمني
....
أيها التاريخ
آمل أنك بخير؛
أمرر أصابعي فوق جرحك
لا نية لي في شفائك
لكني اقر بجدية ألمك
وهذا لا ينفي أن أحدنا شَاعِر...
دائما هناك سؤال يشغلني: ماذا سأضيف للشعر وماذا سيعطيني بالمقابل؟ لا أعني الألقاب التي تصحبنا إلى المقابر وفي قاعات المؤتمرات ولا البريق الذي يذيل أسماءنا في برودة بحث جوجل، ولا أقصد الوصفة الخاصة التي تمتلئ بالدموع في القصائد بسبب تقشير البصل على الأرجح أو التفسيرات المؤلمة لبكائية لا تفنى مع إخلاصنا للفشل؛ أعني (الشاعر فقط) ما صفته ليتحدث إلينا بكل هذه الثقة في حين أننا لا نفعل شيئا لنقاوم ونصدقه في أغلب الأحيان!
"ماذا ستضيف باقة الزهور لجنازة أو لعرس؟" مَن يجرؤ على هذا السؤال! لا تستطيع أن تقول أنا ضائع هنا أو أنا شاعر بالمناسبة أو ما المهمة الغامضة التي تمهلك الحياة أن تقضي وقتك متورطًا فيها، وأقصى انشغالاتك اليومية رسم خريطة آمنة لبيتك دون المرور بحادث سير أو إصابة بفيروس أو الوقوع في حب رجل غريب.
"هذه هويتي العجيبة"
لا يعرفها جيراني ولا بائعة الخضار على ناصية شارعنا ولا أبي وأمي إلا عندما أحضرت كتابي الأول إلى البيت، اخبرتهم أن هناك حفل حلو أقيم من أجلي وأحضرت معي باقتى ورد.
يعلمان جيدًا أن كتابي يحمل الكثير من البهجة والألم لأنه لا يعجبني العالم بهمومه الخاصة وأنانيته المفرطة في عد غنائمه من الحروب وضحاياه المفضلين، ولا أريد أيضا أن أفرض عالمي على قارئ بل أريد أن أشاركه سيرتي وأخطائي وأيامي العصيبة ومرحي المفخخ ويشاركني ترابه وبراءة دموعه وانحرافاته الغبية واللذة المختبئة في صفعة أو قبلة تلقاها بخوف مفضوح، يعجبني الحب بتشكيلاته الهجومية في لعبة الحياة والمزاح المغصوب على صنع نكات من مأساة أو كراهية لازمة لنتقرب من ذواتنا المحطمة بضمادة ومواساة أو باعتراف أن الألم خطوة واحدة إلى الإنسان المختنق فينا، ويعجبني الحزن الموظف جيدًا في اختراع الموت كوسيلة لإنهاء مشروع، أبي وأمي كانا يعرفان ما يخبئه الكتاب ويخافان عليّ من الاستمرار في ذكره، لكنهما مدحا المحبة التي جعلت الناس يهدونني باقة ورد رغم أنه لا زفاف أقيم لي ولم أمت بعد، هذه المحبة جعلت لحياتي مسرة وطريقًا مختلفًا عن باقي مصائر بنات عائلتي، ولقصائدي المقروءة معنى الورود النادرة في بيتنا.
تحدث معي عن تقاريرك المدرسية وسرقاتك
عن الطرق الملائمة للنيل منك
عن ملابسك المزركشة أمام مرآتك السرية
عن الدمية التي تحرر خوفك من الحديث إلى الغرباء
وعن الورقة المطلية بالغرور
التي تتآكل تحت سقف وحدتك،
لا تشي بشيء
تحدث معي وابتسم
أنا أيضا تكسرت أسناني حين قلت ما يؤلمني.
....
رضا أحمد
الشاعرة رضا أحمد: لا يعجبنى العالم بهمومه الخاصة وأنانيته المفرطة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى