عامر الطيب - جعلني حبكِ جديراً بلقب الرجل

جعلني حبكِ جديراً بلقب الرجل
المرير في العالم ،دنستُ حياتي مراراً و دافعتُ عن نفسي
خشية أن أبدو مهرجاً.
تظاهرتُ الآن بأن صحتي جيدة،
أهلي يحبونني كأساتذة غرباء ،
صحبي أوفياء و بلادي هادئة ككرسي أسود
قرب النافذة.
تظاهرتُ بأنني لا أبكي، لا أشتري ساعات يد
ولا أعيش بدافع الهلع .
أخيراً و ليس آخراً
أنني أطمح للأرض خالدة
و أكتب للتجوال!

جرت العادة في أيامنا
على أن يعلق أحدنا قصاصة على صدره
متى ما أحبَّ ،
يعرف التلاميذ أقرانهم
العاشقين بالنظر إلى صدورهم
لكن بما أن الزمن لم يكن قادراً على كل شيء
فقد أحببتك بأقوى ما في نفسي من صدى
و نسيتُ القصاصة الصغيرة في جيبي !

إنكم لن تمنحوني جائزة مرة أخرى
وجدتم في شعري الألم و قررتم
أنني لا أصلح
لأن أبدو سعيداً بفم باسم و بدلة خلاسية.
لكنني الآن لا أفهم
كيف يكتب الواحد سيرته
من خلال التلصص على حياة أحد ثان؟
أود أن أمحو الكلمات
المألوفة لتضيع حياتي!

أكسب عيشي بمشقة
دون أن يبدو ذلك علي،
قاطعاً طريقي بنفسي ، لكني أريد أن اضحك الآن
كمن يتحدث عن ورطة ثان،
رجل يبكي بسلاسة
من يود العبور من رصيف لآخر .
أنني أتعرف عليه
بخبطة على الطاولة .
أرافقه بايماءة
أتذكره وهو يقصد بيتاً نائياً
و أحبه حتى عندما يعبر بيتي!

صار قلبي عالماً ثم بلدة أطوفها مع عائلتي
بسيارة خضراء كبيرة ،
ثم صار شارعاً
ثم بيتاً
ثم دكاناً للأغراض الصبيانية
ثم ها هو يصغر إلى أن يبدو أشبه
بكف آدمي منسي.
عن هذه النقطة أتحدث الآن
عندما يرتدي الطفل عيوناته المضخّمة
ليرسم قلباً !

عند عودتي من المدرسة
ذات غروب بارد
علمت أنك قطعتِ السبل و أرسلت طرداً
بجملة وحيدة
"انه النسيان "
تسمّرتُ بمكاني حائراً
كخيال مآته
هل تصدقون حجم الفجيعة التي أصابتني ؟
انني مهجور بلون الحجر الغابر
و عواء الليل
لم تبق
غير الحمائم الطائشة لتدافع عني!

نملة تتجول بين أحرفي
تقف برهة فوق كلمة دمعة بدهشة من تبصر صورتها.
لعلكم لا تصدقون إلا ما يحدث لكم
لكن ذلك بسبب قطيعتكم فقط.
انظروا أريد حلاً
كيف أصغّر الكلمة بما لا يسمح
للنملة أن تطفو ؟!

هذا السيد المتشنج
هو نائب الحب وهذا الآخر الذي يصغر
سناً هو حرسه الخاص.
وذلك الذي يقهقه هو رفيقه المسائي
و تلك الفتاة التي
تنظر بعينين من شمع
هي خليلته .
و هؤلاء الذين يبكون و يضحكون
هم أولاده و حواريوه،
و هذا الشبح الذي يمسك قدحاً شفافاً
هو الرب بلحمه و شحمه
أما الحب فلا جدوى من التعرف عليه
إلا عندما يقع القدح
و لا نتقلفه أبداً!

عامر الطيب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى