محيي الدين سعيد - طفولة كالفجر.. (أيام فرت من ايدينا الى الأبد)

الحلقة 1

قبل سنوات كنت بالقرية وأحتجت من أعماقي أن أبكي....
فزرت مدرسة 13 يونيو ..هذي المدرسة بفصولها الستة بمدرسيها المصريين ذوي الخبرة الرائعين بأشجارها وأحجارها وهواءها وملاعبها كونتنا (منصور وأنا ) وجدانيا وعقليا وانسانيا قبل أي كتاب أو كاتب أو جامعة .
التقيت بالنهمية صاحبة المقصف التي كنا ﻻنفوت بيضها وبسباسها الحبشي تفاجأت أنها مازالت تعيش ؛كنت أرى منصور في كل حجرة وزاوية وفصل في المدرسة أجهشت بالبكاء من صميم قلبي وأنا ﻻ ابكي بسهولة
بكيت الأيام الجميلة والحالمة مع منصور بكيت كل شئ ؛ للأمر علاقة بالحب الانساني والوفاء والصداقة ؛دامت صداقتنا فترة رائعة لم يحدث أن أختلفنا أو تبادلنا الاساءاة الواحدة كان بيننا احتراما مطلقا لم يجرحني أو اجرحه يوما أو لحظة واحدة ..
كان منصور صديقا من أهل الجنة ...
عندما تم طردنا من عدن بعد التأميم من الرفاق المؤمنين بالنظرية العلمية التي فشلت بعد 13 سنة بالضبط وكانت ضريبتها فصول متلاحقة من الدماء بين الرفاق ؛ انتقلت الى الحديدة للدراسة وكنت في نصف العام من الصف الثاني الابتدائي عام 1977م فألتحقت بمدرسة الشهيد محمد محمود الزبيري وكان أول طالب أتعرف عليه هو منصور علي سيف حسن المشولي الذي شاءت الأقدار ان تنسج بيننا علاقة صداقة وزمالة جنبا بجنب .سأكتبها تباعا...وفاء لذكرى منصور علي سيف حسن المشولي الصبي الأسمر النبيل وكيف سار الى النجاح بسرعة الضوء ثم الى الموت بكل بساطة في وطن كم ظلم ابنائه العباقرة.
كانت المدارس في عهد الحمدي مثل المساجد تماما وكان الجميع يعملون ويتعلمون وعيونهم على المستقبل ..أثناء الحصص كانت الفصول مثل خلية النحل والممرات هيبة وهدوء والجو مدرسي حقيقي وكل شئ كما يجب أن يكون تماما ادارة المدرسة المعلم الطلاب الزي العلم الشعور بهيبة المدرسة الاحلام المستقبلية الوطن الثورة مازالت صورة الشهيد الزبيري تحتل قلوبنا وأرواحنا ، كان منصور ابن هذي البيئة وهذا المكان الذي يتطلع فيه الجميع للمستقبل وفجأة رأيناه يتهاوى يوم 11 اكتوبر ...ولم ألتق بمنصور لمدة عامين دراسيين أختفى فجأة من مدرستي كما اختفى الحمدي من حياة اليمنيين في غمضة عين ....
فشل أبي تجارياً أو أختلف مع شريكه الدبعي بالدمغة القديمة بالحديدة وغادرها وأكملت الصف الخامس وأخذت دراجتي الصغيرة فوق شاحنة قلاب تحمل الاخشاب رفقة سائق اسمه السكران وبعد أطول رحلة سفر وصلت النشمة ووجدتني ذات صباح أتوجه الى مدرسة 13 يونيو ملتحقا بالصف السادس رفقة أشعة الشمس الذهبية والبرد وزقزقة العصافير وأشجار البن والهواء النقي والأمل الجميل والله ﻻ أبالغ إذا قلت أنها كانت الجنة بحذافيرها .
دخلت الصف كنا خمسة طلاب وسمعت المدرس يسأل هو منصور فين ماجاش ...
كان بعد ظهر أحد الأيام الفصل وصادفت الحصة قراءة وبما انني جديد وبمجرد جلوسي طلب المدرس مني متابعة القراءة بعد منصور وكان منصور قارئ ممتاز والتفت الصف كله لمتابعة محنتي المبكرة وكانوا ﻻيعرفون اني لم ادخل الصف الاول في مدرسة الخليج الامامي بكريتر الا وانا أقرأ وأكتب ففاجأتهم بطريقتي في القراءة وأدهشتهم ..ومنذ تلك اللحظة وبجانبي منصور علي سيف المشولي ربطت بيننا علاقة لم تنقطع واكملنا اليوم الدراسي وغادرنا ومررنا بشارع طويل عائدين الى دكاكين اباءنا وثرثرنا في الطريق وتكلمنا وطارت ارواحنا معنا وانسجمنا كأننا عجوزان كبيران وكان يميز منصور وأنا أخذتها عنه ؛ وهو يواصل الكلام بقوله ها ها ها ..كانت الدنيا جنة ﻻنحفل بغير صداقتنا المبكرة وهذا التوافق المبكر وكان يتميز منصور بأنه هادئ ومسالم وليس لديه اي عدوانيه كأطفال أشقياء ولم يتأثر بشقاوتي بل انا من تأثر بمسالمته وطيب أخلاقه ...أفتقدك يامنصور من يوم التقينا الى يوم غبت عنا ...دعوني ابكي عليه فأنا لم أبكه من وقت طويل ..
إنتقال منصور وأنا من مدينة الحديدة الى النشمة القريبة من قريتينا نقل مشاعرنا وأحاسيسنا وأعاد صياغتها مع الطبيعة الخضراء والجبال المكسوة خضرة ومروجا والروابي والقرى المجاورة والوداعة الريفية والهدوء وسكينة الروح والطقس الحالم المختلف وبساطة الريفيات ونقاوتهن .
كنا دفعة سادس أعلى دفعة وعددنا ستة او سبعة وكان يحز في نفوسنا أننا بلا زميلات عكس بقية الصفوف كلها .
ولقد أحببنا أو عبرنا عن اعجابنا بصمت .
كانت طالبات الريف يدرسن جنبا الى جنب مع الطلاب وكان الأمر طبيعي بوجوه مثل ضوء الفجر وحازبات بالمصر والسوس اعتجر وياذا الغراب السوادي .
كانت أجمل أوقاتنا بالفصل والحصص المدرسية أو حين نخرج رست فنأخذ حاجتنا من الروتي والبيض والبسباس الحبشي المملح قليلا وشراب البرتقال الغازي ونذهب الى فوق صخرة نعرفها خلف المدرسة تحت ظل شجرة ونجلس هناك نصنع سندويتشا يسيل لعابي عليه حتى اليوم وهناك أشير لمنصور نحو قريتنا الشرف أو جبل مشاعرة وجبل (القلة) الذي يحجب رؤيتنا لبيتنا وأرضنا ولقد سماه ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان جبل السواء وبأنه حصن من حصون جبل صبر ..
وأسوأ ماحدث بيننا انني لم ادعه يوما لزيارة قريتنا وﻻهو دعاني الى المشاولة القريبة منا رغم انتماءنا لمديرية واحدة كان للأمر علاقة بأعمارنا في الصف السادس التي لم نكن ندرك فيها جوهر العلاقات الانسانية؛ عادات وتقاليد ومشاعر واحدة وقلوب بيضاء .
كانت السماء ملبدة بالسحب السوداء الممطرة والجو يتحول الى غيم وضباب ونحن نكمل سندويتشنا وشرابنا وثرثرتنا وضحكاتنا على أي شئ وكل شئ وجرس المدرسة يدق معلنا انتهاء الراحة واحدى المباريات التي ﻻنهتم بها ( صفر صفر).
كان الصف السادس هو العام الوحيد الذي درسنا فيه صباحا في مدرسة 13 يونيو ؛ كان صباحا بكل مافي الكلمة من معنى وكانت النشمة مازالت تتثاءاب كالريفيات الممقرمات باللون الأحمر حاملات الحطب وجالبات الماء بوجوه بيضاء ناعمة مصبوغات بالهرد الأصفر ..كان ريفا حقيقيا.
أعداد قليلة من الطلاب وأقل من الطالبات يتقاطرون مثل أشعة الشمس وحبات المطر نحو المدرسة ؛تملأ عقولهم ونفوسهم أحلام وأحلام.
إنتقال منصور وأنا من مدينة الحديدة الى النشمة القريبة من قريتينا نقل مشاعرنا وأحاسيسنا وأعاد صياغتها مع الطبيعة الخضراء والجبال المكسوة خضرة ومروجا والروابي والقرى المجاورة والوداعة الريفية والهدوء وسكينة الروح والطقس الحالم المختلف وبساطة الريفيات ونقاوتهن .
كنا دفعة سادس أعلى دفعة وعددنا ستة او سبعة وكان يحز في نفوسنا أننا بلا زميلات عكس بقية الصفوف كلها .
ولقد أحببنا أو عبرنا عن اعجابنا بصمت .
كانت طالبات الريف يدرسن جنبا الى جنب مع الطلاب وكان الأمر طبيعي بوجوه مثل ضوء الفجر وحازبات بالمصر والسوس اعتجر وياذا الغراب السوادي ...
ومن جميل الحياة أن كنا منصور وأنا نشارك أهلنا مواسم الحصاد وجني المحاصيل الزراعيةالى آخر عجورة نجمعها من الأرض ...كان يوم الفيش واطلاق جميع المواشي والابقار والخرفان والضأن والحمير وووو وانتشار الناس والنساء والاطفال والكهول والصبيان والشباب مما يجعل الأمر أشبه بمهرجان الحصاد وكرنفال زراعي ﻻتستطيع اي ريشة لفنان رسمه أو وصفه ويشبه هذا اليوم يوم الوداع لاكان لفصل الصيف ودخول الاعتدال الخريفي وكان البرد قد بدأ وبدأت الطبيعة الخضراء تتخلى عن مفاتنها قطعة قطعة...لتستعد لليالي الشتاء القاسية والليل الطويل .
كل ذلك كان يشكلنا معا ويزخرف نفوسنا وعقولنا ومنصور وأنا نتحول الى كائنات غاية في الرومانسية بطريقة متوحشة تلتهم الكتب ومقررات الصف السادس ...!
كان منصور يحب المشي الى المدرسة عبر طريق السيارات مرورا ببير الهوت وجوار الشعاب المليئة بأشجار البن حيث المجمع الحكومي اليوم ؛ كان طريقا ترابيا يصل الى قدس والاحكوم والاعلوم والاحد والجبزية وووو.
وكنت أحب طريقا مختصرا يمر عبر قرى صغيرة وبيوت متناثرة أكحل عيني وأملأ قلبي بحسن الملاح صبايا ومزوجات وكنت أرى في وجوههن نقاوة مياة الأمطار وطراوة فجر الريف وبما عليه الحياه من جمال وفن وملاحة .
كان وجود الطالبات معنا في المدرسة يرفع معنوياتنا فنتحول الى أقيااال للحظات قبل دخول الفصل .
كنا نحس بالمعنى الوجودي لذواتنا رفقة الزميلات ولقد أحببنا حبا صادقا مرات وأحببنا حبا زائفا مرات أخرى...
لكن ماأنا متأكد منه أن القلوب كانت بيضاء .
سأخبركم عن سر تماسك الصداقات وبقاءها نقية كالذهب الخالص الى الأبد هكذا كانت صداقتي بمنصور ..نقية بيضاء صادقة مثمرة
لعلي أخبرتكم يوما أننا لم نختلف لحظة واحدة وﻻ حدث سوء تفاهم بيننا أبدا ، هكذا استمرت صداقتنا نظيفة ناصعة البياض حتى أنتهينا من الثانوية العامة بمدرسة ثانوية عمر بن عبد العزيز بالحديدة وكنا أول دفعة من الثانوية نقوم بخدمة التدريس الالزامي 1986 /1987م.
إن الأمر له علاقة بالمال والنساء ...
وفي هذي المرحلة العمرية ونحن في الصف الاول الاعدادي كنا مكتفيين ذاتيا من المال وﻻنحتاج لفلس واحد من بعضنا وكنا ﻻنبخل ولن نبخل ..لكن هذا ماحدث ...
كانت شخصية منصور جادة ومثابرة وعلمية وﻻيتوقف أمام موضوعات الحب والبنات والصبايا الا بابتسامة ﻻمبالية وعضة خفيفة لرسخ يده اليمنى ويعود ليغرق في الجبر والهندسة والنظريات والقوانين ...
كانت القرية مجتمع صغير وكان الحب او الكلام مع الزميلات الجميلات اغراء وخوف فليس برؤوسنا مانقوله وﻻفي قلوبنا الا مانشعر به وﻻنتجرأ على البوح به ..
كانت فتيات الريف مثالا للحشمة والعفة والرغبة في التعلم ممقرمات او ممصرات بقطعة قماش صغيرة ويبدو ظاهرا أكثر الرأس بشعر ذهبي يتموج وتلاعبه الرياح الباردة ؛ كل الزميلات كن كذلك ووجوه مكشوفة بملاحة وبساطة ريفية ساحرة كانت الحياة جميلة وكل شئ من حولنا في غاية الجمال والابداع .
كان المستقبل مفعما بالأمل والشمس تشرق وتغرب والقمر يرسل ضوءه كل مساء على المحبين وغير المحبين .
ﻻ أجد لغة قادرة على وصف الليالي المقمرة في القرى والأرياف وذلك الهدوء الغامر الذي يلف الحياة والأحياء وبرد الشتاء يشكل أكبر عنصر من الجمال ونحن نلتحف أنعم البطانيات ونباح الكلاب في اطراف القرى يبدد الوحشة ويقطع سكون الليل ؛ وضوء الفانوس يغزلل بعد ليل طويل من المذاكرة والكتب والدفاتر مبعثرة هنا وهناك ؛ ومنصور يلقي نظرة خاطفة على الساعة المعلقة على الحائط ويدس رأسه تحت البطانية استعدادا ليوم دراسي جديد.
كدت في الصف الأول اعدادي أكون من ضحايا التسرب في مدرسة 13 يونيو لوﻻ لطف الله وحرص أبي على متابعتي الى حين وصولي للمدرسة وتفاهم مع أحد أهم المدرسين الذين كونونا ومنصور معرفيا وتربويا اﻷستاذ محمد عيد وأعطاه أبي الضوء الاخضر لاستخدام كل مهاراته بالضرب والتربية والتعليم طبعا وما اشتي أكذب عليكم مدري ايش أعطاه أبي مقابل ذلك لأني ﻻحظت الأستاذ مخلص جدا معي في الضرب هههه.
بعدها سافر أبي الى سفر أضنى من التعب .
ونحن في الصف السادس تعرضنا منصور وأنا الى أبشع محاولتي اختطاف وقد نجونا بأعجوبة .
المحاولة الأولى قام بها المرحوم سعيد عثمان وهو من عتاولة الاشتراكيين في المعافر وكان غرضه شريف الله يرحمه وحاول اصطيادنا للدخول في معهد صحي بتعز وقد بذل جهودا ومالا وفي النهاية اخبروه أن أعمارنا صغيرة .
المحاولة الثانية قام بها أحد السلفيين المجاورين لمنصور حيث حاول الحاقنا بأحد المعاهد السلفية أو الاصلاحية لم أفهم بالضبط المهم رفضونا أيضا بسبب صغرنا والا كنا في ورطة عظيمة ...
الحمدلله لقد نجونا ..
كان منصور وأنا ندرس المرحلة الأولى من الاعدادية بعد الظهر وكان منصور بارا بأبيه وﻻيذهب المدرسة الا وقد جهز لأبيه الشيشة او المداع والبوري والجمر .
كان منصور من أول حصة في الرياضيات مبدعا والجبر والهندسة وكان الطالب الوحيد الذي قام بحل اول واجب مدرسي من هذي اللحظة تحديدا كانت انطلاقة منصور العبقرية .
ﻻ أخفيكم أني مقابل عشق منصور للرياضيات عشقت كرة القدم والقرية والجبال وفتنة الصباح الريفي المذهل ولحظات الغروب الساحرة الى حد اني صرت مهووسا تماما .
لم تخفت علاقتي بمنصور بسبب هذا التضارب لأني كنت مواظبا ومنتظما في الدراسة ونلتقي كل يوم وكل صباح ومساء .
كنت اتعجب من انتظام المدرسين المصريين في حلق لحاهم وشواربهم كل صباح وكأنها فريضة دينية ...!
غرس المصريون أشجارا حول المدرسة من كل صنف ولون وغرسوا فينا مبادئهم الرائعة وعادوا الى بلادهم بالمبادئ التي مش وﻻبد ...إذا فهمتم قصدي .
حين اتحدث من الان وصاعدا عن المدرسين فأنا أقصد المصريين فلم يكن هناك غيرهم .
كان قد أرتفع عددنا في مدرسة 13 يونيو الى 14 في الصف الاول الاعدادي حيث استضفنا طلاب من الخيامي والضبيعة فلم نعد اولئك المستضعفين السبعة .
كان منصور وعبد الاله السروري متفوقان جدا بس عبدالاله كان في اي اختبار يسقط مغشيا عليه بسبب ارهاقه لنفسه وهو اخو الشاعر عبد الوكيل السروري ..
وكان هناك عبده مهيوب الدلوع وعبد نعمان وشمس وووغيرهم وكان بيننا طلاب يشبهون تماما طلاب مدرسة المشاغبين منهم عارف ابن الطبيب عبد العليم السروري كان كبيرا بالسن ويشبه يونس شلبي في مستواه
كنا كوكتيل قابل للحياة في فصل واحد ...
كان المطر يحول المدرسة ومحيطها الى مايشبه أجمل مافي مخيلة الانسان عن الجمال والجو الساحر والهواء النقي جدا قبل أن أبدأ باشعال أول حبة سيجارة ولم أفهم اني في بداية تدمير رئيتي النظيفة.
كان مدير مدرسة 13 يونيو عبد الرقيب المعلم فخورا بمنصور الى أبعد الحدود كان مديرا جميلا في زمن جميل وكانت له صلة قرابة من نوع ما بمنصور ...
كان الشاعر عبد الولي الحاج صاحب قصيدة ساعي البريد يافاعل الجمايل لأيوب قد قرر استضافة أيوب طارش في أعياد سبتمبر داخل المدرسة والمنصة كانت في المستوصف وكان مسرحا طبيعيا أو على الطبيعة وكانت تلك المناسبة أول لقاءاتي بأيوب طارش شخصيا شفت أيوب وهو مخزن ويشرب كندا يقوم باخراج غاز الكندا بواسطة عيدان القات عرفت فيما بعد أن الفضول نصحه بالبعد عن الشراب والدخان والماء البارد والمشروبات الغازية اذا أراد أن يحتفظ بصبابة صوته .
كان ذلك المساء استثناء كانت ليلة خرافية لقد أحتشدت كل القرى المحيطة بالنشمة والمدرسة وحضر الجميع نساء ورجال وأطفال واصطفوا على مدرجات زراعية مقابلة والأضواء حولت ذلك المكان الى مسرح خرافي أشبه بحلم لم يتكرر ولم أشاهد بعده مثله حتى في مسارح بيروت والقاهرة حيث امتزجت الطبيعة بالانسان بالوطن وبالصوت الجميل والشعر والعزف هذي هي تعز والمعافر والانسان التعزي العاشق والحياة والعلم وفي هذي الليلة كان منصور مشدوه اللب مسحور الفؤاد مخلوب العقل من الدهشة والاعجاز الفني والانساني والمسرحي التي سلبت الناس والنساء عقولهم كانت السماء بنجومها وقمرها هي سقف المسرح وكانت النساء على طبيعتهن ووجوههن تتلألأ فلم تكن عادة النقاب قد شوهت الحياة وهذا أمر ﻻيتكرر وكان كلما أنهى أيوب أغنية طالبته الجماهير بغيرها وهكذا أنتصف الليل وأنتصفت احلامنا وداعبنا النعاس وغادرنا منصور وأنا والثمالة تدب في نفوسنا وسحر الحياة وجمالها ونستعد ليوم دراسي جديد بكل شغف .
كان منصور المشولي صديقا للجميع ﻻيرد طالبا أو سائلا عن مسألة عويصة في الرياضيات كان أستاذا للأساتذة و روحا سامية لم يتضجر ابدا كان يبتسم لكل من جاءه باحثا عن المعرفة وله روح ملاك ..
هذي سيرة ذاتية أو بداية المسرد الى عبقرية منصور المشولي هكذا تموت العبقريات هكذا تحيا ..امنحوني وقتا كي ألم شتات أشعة الشمس في قبضة اليد...
أود هذي المقدمة باختصار أن تكون بقيتها بلغة مختلفة وتفكيرجديد لأنها عن حياة كل يمني تحطمت أحلامه كنا رأينا وعشنا حلقاتها ...حتى اليوم صورة مأساوية لكل ماحلمنا به من مستقبل للوطن...ضاع هباء بكل بساطة وأسف.





أعلى