أحمد آل مجثِّل - حين تَبعُد السّماء

كنت في قريتي وبين رفاقي واسرتي

كل شيئ كان قريباً من أبصارنا وأحلامنا ، حتى السماء كانت على بعد خطوات من صعودنا تلك الجبال التي تحيط بقريتنا وبقية القرى من حولنا
حين غادرت قريتي غدتِ السماء بعيدةً بعيدةً بعيدة
بعيدة تلك الزوايا في مَرايَا الظلّ
كان صوتُ أمي يدندن في فضائي
كلما عانقتها شِيحاً وريحاناً وارتواء
حتى العصافير التي ألفتني في غصون المدينة لَم تكن الا صدىً في يقين الغياب
كان ذاك الرَّمل في صحراء نجد
غباراً لم تألفه عيناي
كنت أرسُمُ بعضاً من تفاصيل غدي
فغدوتُ كالرمل استبق الخُطى
أُنادي : عُد أيها المطر ، عُد فاسقني من بقايا الطين في تلك الحقول
أيتها السماء : اقتربي علّني أبسط كفّين مثقلتين بأحرفٍ من أناشيد أمي التي ألِفَتْها روحي ساعةَ كنّا عصافيراً في ساحتها البِكر ندعو مثلها ونُغنّي
ما أبعد السماء في المدينه وفي كل صحراء
أدركت وأنا في هذا العمر وقد تجاوزت الستين أنّ السماء كانت قريبةً جداً جداً حين كان مفتاح بابها تحفظه أمي في جرابها وشَغافها وقلبها وروحها حين كانت تنبض بالحياة
مرّت هذه السنوات الخمس بعد رحيلها فأدركت لماذا كانت السماء بعيدةً بعيدةً بعيدة
رحم الله أمّي وجميع الأمهات وقد غادرنَ بمفاتيح السماء

أحمد آل مجثِّل


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى