رمضان عبد اللطيف - لا تتزوجي شاعرا..

إذا حدث وتقدم للزواج منك شاعر
فلا ترضي بأقل من بيت مستقل
على الطراز الأوروبي
واسع وتحيطه حديقة
وتعلوه مدخنة كبيرة بثلاثة مخارج
وأقرب جار له يكون على بعد مسافة طويلة
فالهادئ الخجول الذي يجلس أمام أبيك صامتا
وقد وكل أمه بالحديث والاتفاق على كل التفاصيل
ستجدينه بعد ذلك شخصا آخر
يتصاعد منه دائما -حتى وهو نائم-
دخان خانق كثيف
ولا يني يتحدث بصوت مرتفع
مع كائنات لن تريها
ويضرب الهواء بكلتا يديه
وكأنما يسبح في بحر
وربما يتشاجر مع سكين مسالم
أو ملعقة عاطلة عن العمل
أو كوب ينكفئ على نفسه فوق رف في النيش
أو ضلفة شباك مسكينة أغلقتها الريح
أو مقعد مهجور يكسوه غبار
واحرصي يا عزيزتي
أن تضعي في كل ركن من البيت ممسحة وشرشوبة
فهو دائم البكاء
ودموعه تسح في أي وقت وأي مكان
لا تعرف تمييزا بين ليل أو نهار
ولا بين الصالة وغرفة النوم
ومن الأفضل أن تطلبي من السباك
أن يجعل في كل حجرة بالوعة صغيرة
تتصل مباشرة بالحديقة
حتى تتسرب دموعه إلى أشجار أحزانه
التي حتما سوف يغرس منها شتلات كثيرة
كلما عاد إلى البيت في آخر الليل
بصحبة أرملة
تجر خلفها عيالا كثيرين
ليمنحهم كل ما في البيت من طعام ودفء
وبمناسبة الأولاد
أرجوك لا تتسرعي فى الإنجاب منه
حتى لا يكون بيتك الجميل ملجأ أيتام
يأوي نسخا مكررة
من رجل حين يحضنك
مرة يكون ناعما كالماء
وأخرى
شائكا كأسلاك الحدود الحديدية


رمضان عبد اللطيف

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى