أحمد الحلواني - أَنْهَارُ الدَّهْشَةِ

أَنْهَارُ الدَّهْشَة
هل حقًّا الشُّعرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ؟
يَا إِلَهِي..
أَنَا لَمْ أَرْتَكِبْ مَعْصِيَةً
لَمْ أَقْطِفْ زَهْرَةَ الأَمَلِ بلا سَبَبٍ
لَمْ أَنْتَهِكْ وَصَايَاَكَ يَوْمًا
أَوْ أَعْبَسْ فِي وَجْهِ أَعْمَى
أَجْمَعُ أَنْهَارَ الدَّهْشَةِ فِي لَهْفَةِ شَوْقٍ
لِأُنْبِتَ أَشْجَارَ الضَّوْءِ فِي عَتْمَةِ اللَّيْلِ
فِي قَلْبِي النُّبُوءَات كَنَبِيِ
وأحيانًا أُطَنْطِنُ بِالْكَلاَمِ كَالْغَبِيِّ
تَرْتَعِشُ الأَرْضُ تَحْتَ أَقْدَامِي
كَامْرَأَةٍ تَصْرُخُ فِي نَشْوَتِهَا
وحِينَ ينْسَكِبُ مَاؤُهَا
تَنْسَحِبُ المَسَرَّةُ
***​
يَتَدَفَّقُ نَبْعٌ مِنْ بَيْنَ يَدِي
كَرِيحٍ وَدِيعَةٍ
أُرَافِقُ سَحَابَةَ الشَّجَنِ المُتْعَبِ
لأصْنَعَ مِنْ الخَيَالِ رِوَايَاتٍ
مُسْتَحِيلَةَ النِّهَايَاتِ
أَمْضِي كَطَائِرٍ اِفْتَرَشَ المَدَى
يُرَفْرِفُ ذبيحًا فِي سَمَاوَاتِهِ
لِيَصْبغَ الشَّمْسَ بِدَمِهِ عِنْدَ الغُرُوبِ
يَا إِلَهِي..
وَهَبْتَنِي قَلْبًا يتَوسَّدُ خَمْرَهُ ليْلًا
وَيَجْدِلُ مِنْ أغْصَانِ الأَشْجَارِ كُوخًا
وَمِنْ أَحْلامِ العَذَارَى سَقْفًا
فأَلْمسُ قِمَمَ الجِبَالِ فِي دَهْشَةٍ
وَأَرْسُمُ عَلامَاتِ الاِسْتِفْهَامِ, وَالتَّعَجُّبِ
أُصَاحِبُ الأَمْطَارَ حِينَ تَنْمُو بَيْنَ أَصَابِعِي
فِي بِلادِ العَجَائِبِ
أُشَاطِرُ السَّنَابِلَ حَيْرَتي
فَتَمِيلُ بي الرِّيحُ بَعِيدًا..
كَهَبَاءٍ لا يَسْتَقِرُّ
أَقْفِزُ فَرِحًا بِنَشْوَتِي وَأُغْمِضُ عَيْنًا
فأَرَى خَرَائِطَ مُدْنٍ تَئِنُّ ألمًا
وَأَسْوَارًا مِنْ أَسْلاكٍ شَائِكَةٍ تُحِيطُهَا..
تَلْتَهِمُ أَشْجَارَ الزَّيْتُونِ
ودُمُوعَ صَبَايَا جَدَلُوا فِي ضَفَائِرِهِن
قِصَصَ الحُبِّ الحَزِينَةِ كُلَّ صَبَاحٍ
وَأَرْصِفَةً..
نَامَ الْجُوعُ فِي حُضْنِ أَطْفَالِهَا
وَجَلُودًا كَسَاهَا الْعَرَاءُ كَقَافِيتِي
وَحُرِّيَّةً تَصْرُخُ..
كالْمُستَجِيْرِ مِنَ الرَّمْضَاءِ بِالنَّارِ
وَحُكَّامًا أَعْلَنُوا أَنَّ مَوْتَ الشُّعُوبِ حَيَاة
***​
آهْ يَا شَابِّي لَوْ عَلِمْتَ
أَنَّ القَدْرَ لا يَسْتَجِيبُ
وَإِنَّ الشُّعَرَاءَ يَتَّبِعُهُمْ الغَاوُون
وَإِنَّ كُلَّ قَصِيدَةٍ.. نَعْشَ شَوْكٍ..
يَسْتَجِيرُ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى