سعد محمود شبيب - ضحك كالبكاء : (موسوعة فضائح الناس للدغيدي!!)

اذا ما كان الانسان العربي يتوق لسماع الفضائح ، ونشر الأفلام التي تنال من سمعة أية شخصية ، والتلذذ بمآسيها الوخيمة ، فانّ كاتبا مصريا يدعى (انيس الدغيدي)، استهوته هذه الغريزة المتخلفة ، ففاق كل حدود للمنطق والتهذيب والادب ، وقام بتأليف موسوعة كاملة لتخليد جميع الفضائح التي شهدها العالم منذ عهد سيدنا آدم (ع) حتى ساعة الصدور ..
يحمل هذا الكتاب عنوان ( انحراف المشاهير وأسرار نجوم المجتمع في السحر والشذوذ) ، ويقع في خمسمائة صفحة ، لم يترك الدغيدي فيها انسانا شهيرا إلّا وناله نصيب من الفضح والتعرية والاتهام بتعاطي المخدرات والرشوة والشذوذ ، فشمل الملوك والرؤساء، والفنانين والأدباء ، والمطربين والوزراء ، الأموات منهم والأحياء !!
انطلق صاحبنا منذ اول صفحة ليفضح ملوك اسبانيا وملكة بريطانيا ، وجورج بوش الاب والابن ، وكولن باول وايزنهاور، وزعماء العرب من الملك الحسن الثاني وبو ميدين فبو رقيبة ، وملوك الخليج ، وكافة وزراء العرب ، ولاعبي كرة القدم بدءا بـ(مارادونا وبيليه) وليس نهاية بـ(محمود أبو شيحة وشحاتة أبو كف)، ولم يستثن أيا من جميع الفنانين العرب مثل (عمر الشريف وصلاح شاهين وعماد حمدي ورشدي اباظة)، ولم ينس أحدا من المطربين والملحنين والشعراء، كما ولم يفته خدش سمعة عمالقة الادب العربي أمثال (توفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويوسف ادريس وأبو حيان التوحيدي والنابغة الذبياني)!
والغريب في أمر هذا (الدغيدي)، أنه يطلق التهم جزافا دون أن يقدم أدنى دليل على ما يقول أو يشير لأي مصدر مهما كان مصدره تافها بائسا ، وهو يكتب بأسلوب يعد من أغرب ما يمكن أن يطالعه أي انسان على كوكب الأرض ومنذ اختراع الكتابة ، فيروي _ على سبيل المثال _ كيفية خنوع وخضوع الرئيس (بوش الابن) لـ(كونداليزا رايس) وزيرة خارجية أمريكا ، ليصف الأمر بالقول : (( ورايس ، الست السودة اللي عامله زي السنجاب المحصب دي ، عارفينهه مش كده؟؟ اه ، بالضبط اللي شبه وابور الكاز الصغير، دي كانت بتضرب بوش بالجزمة .. اي وحياة سيدي رفاعي والمرسي ابو العباس ، كانت بتضربو بالجزمة ، مالكم .. في ايه؟ مش مصدقيني بردو؟ انتو هتجننوني؟؟ انتو عارفين مين اللي نقللي الكلام ده ؟؟ عارفين مين ؟ الجزمة نفسها بشحمها ولحمها ...) !!
وخلال صفحات الكتاب ، يتحول الكاتب إلى مشعوذ دجال من طراز نادر ، فلا يكتفي بادعاء تعامل المشاهير مع السحرة، بل يقوم هو نفسه بتعليم الناس كيفية القيام به دون حاجة الى معلم ، وكيف انه ينقسم الى سحر أسود واحمر ومقلم وبنفسجي وباقي الوان الطيف الشمسي، وستكتشف ان هنالك انواعا متعددة من الشياطين ، فهنالك الشيطان المخرب، والاعجوبي، والغريب، والمسالم، والنافع، والشيطان الأدبي، وكذلك الشيطان العلمي بفرعيه التطبيقي والاحيائي ..
ولعل من الطريف ، اعتقادي بأن الأخ (أنيس الدغيدي) هو شقيق للمخرجة (ايناس الدغيدي)، لولا أني وجدته قد ألصق بها فضيحة مدوية (بجلاجل) في منتصف فصول الكتاب ، كما وظننته صديقا لاصحاب المقالات الساخرة الرصينة، لولا أنه قد وضعهم بالترتيب حسب الحروف الأبجدية ، ووضع ازاء كل اسم منهم فضيحة كبيرة وفعالة ومدوية .. وبنت ناس !!
ومما يبدو لنا واضحا جليا ، أن هذا (الدغيدي) ، كان قد لقي تشجيعا من المجتمع ، فقام بجهد مهول في جمع هذا الكم من الاخبار التي تحط من قيمة اي انسان وتهشم خلال ثوان معدودة سمعة بناها صاحبها منذ سنوات طوال ..
المجتمع الذي تسبب باراقة الكثير من الدماء وبارتكاب جرائم غسل العار ، حين استغل ابن هذا المجتمع وسائلَ التكنولوجيا في أقذر المهام ، وتسبب في تحطيم عوائل – بل عشائر كاملة - لا لشيء إلّا لأن الشيطان الكامن في النفوس يتحول إلى مارد جبار ويتطوع لنشر الأخبار التي تمس السمعة وكأنه سينال الجنة لو فضح صاحبها ..
وعلة ذلك هي البطالة والتخلف وقلة التربية وانعدام الخوف من انتقام الله تعالى ..
ولعل الجميل في أمر ابن مجتمعنا هذا ، أنه يتلذذ بفضح الاخرين وتشويه سُمعِهم وتعريض حياتهم إلى الخطر، لكنه يتحول إذا ما ذُكر بسوء إلى فارس شبيه بعنترة بن شداد، وسمعته أشبه بعبلة التي يقاتل من أجلها فيقتل أو يُقتل دون المساس بها كحبيبة غالية !!
أما الأجمل من هذا كله ، فهو حين تمت استضافة عرّاب الفضائح - المؤلف نفسه - في لقاء على احدى الفضائيات كي يدافع عن كتابه وعن مدى منفعة ما جاء فيه من ترهات وسخافات ، فلم يترك أحدا من الانس والجان إلّا وألصق به تهمة شنيعة لم يسمع بها سواه ، ولم يفت خياله الخصب ، نسج فضائح جديدة لم ترد في مؤلفه الرديء ، حتى اتصلت به الطبيبة النسائية الشهيرة (نوال السعداوي) واكدت له أنه وهو يفضح الناس دون دليل أو برهان، كان قد ألقي القبض عليه متلبسا بادارة شقة مشبوهة للعب القمار وتعاطي الحشيش والصفقات الواطئة القذرة ، فثارت ثائرة المؤلف وهاج وماج متهما المخابرات المركزية الامريكية والروسية بتلفيق التهم لقلمه الجبار تعينهم بذلك مخابرات دولة أوربية ، لكنها سرعان ما أجابته بأن هذه الواقعة ثابتة وموثقة في محاضر الشرطة الرسمية ، وأنه أتفه من أن تلفق له مخابرات الصومال نفسها معشار مؤامرة .. فما كان منه سوى أن أمسك بمسبحته وبسمل وحوقل وأجابها بكل برود :
( طيب وأنا ارد ازاي على وحده عامله زي الغوله اللي واخذه سنتين سجن مع النفاذ ) ؟؟
وهنا .. صرخت الدكتورة (السعداوي) فاهتزت أرجاء المكان ، ولا اعلم ما حصل بعدها نظرا لانقطاع التيار الكهربائي، شكرا للتيار الكهربائي!!!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى