د. سليمة مسعودي - ما تأجل كان مغامرة صوب الريح..

ما تأجل كان مغامرة صوب الريح..
و ما كنا لنتوزع في شتات الجهات..
لو أن ركضا نحونا لقننا كيف تبدو الأسئلة واضحة الغباء..
و متعبة من سفر طويل طويل..
لاهثة وراء جواب جاهز سلفا لكل الاحتمالات..
و مبرمج أصلا كي يبيح نزفنا للانهائية المسافة..
كان صمتا واسع الكلام ما كان..
و ها هو الصمت الخواء.. الصمت العدم..
يستعيد كل قامته في تمدده عبر الجهات ونحن فيها..
و يا قساوة الشتات..
.. يحدث حقا أن نلتقي بصدفة أشعلتها الريح..
لكن الصدف التي تشعلها.. نيران قاسية الوقع..
نيران تبقى دائمة الاشتعال..
و تحرق كل محاولاتنا في الحياة بعيدا عنها.. عنا..
و نبقى في لظى الاحتراق.. لنستحيل الرماد..
يا جمر الغياب.. لماذا تعيدنا لأول ما كان.. و تبقينا تحت وطأتك القاسية.. ؟!
يا جمرة الفقدان.. كيف نفقد ما كان أصلا ليس لنا..
كرمل يتلاشى في ساعة الحقيقة ويتسرب بين أصابعنا.. يتدفق كسراب بارد في صحراء القلب التي أنهكها الظمأ..
و ما تزال المسافة في وهج البدايات..
ليس كل ما نحسه من كل هذا الحزن إلا قدرا..
اصطفانا في لحظة ثلجية باردة ليوهمنا بدفئه الكبير.
. و يتركنا في هجرة الطير متذورين لتيه الرحلة..
بين الهنا والهناك..
كل ما أشعر به اللحظة أني هشة.. كالرماد..
و أن مراوغة الصمت والكلام لم تعد من طبيعتي..
كنت واضحة منذ البداية..
فقط حاولت أن أداري جرحا كبيرا بما تبقى مني..
و الهدوء الذي يغشى الصمت..
هو دائما حزن جليل حكيم..
يتأملني برأفة الجد..
و يلهمني ما عجزت عنه من صبر..
كان يفر هاربا.. كلما تأملت عمق هاوية الجرح..
يقال إن الزمن كفيل بمداواة الجراح..
لكنني كلما تأملت جرحي..
انطفأ أملي في النجاة..
لم يكن في وسعي دائما
أن أحتمل غزارة النزيف ال.. يتدفق من ولع الجرح..
لم يكن في وسعي دائما أن أوقف مدك الغزير المتهاطل في.. كنهر راكض لا يتوقف عن الجربان..
و أنا الدائمة الغرق فيه.. لم أعد آبه للضفاف..
أيها الفقد الكبير.. و تأملي الساهم في وجه الوقت والطريق..
لم يكن في وسعي.. و لن يكون..
أن تنطفئ الحظة التي تفضي إليك..
إنها لحطتي الأبدية منذ التشظي الكبير..
و لا أملك إزاء المد إلا أن أستسلم في هدوء الوقت..
لكل ما يجرح النسيان بالذكريات..
و كل ما يرتكبه فيَ حلمي الواسعُ أنت فيه.. من اختناق.. يحدث أن نحدق في مرايا انكسارنا فلا نرى غير ثلج تأبط برده..
ليوزعه فينا معطف الوحدة والوجع و سأم الكلمات
في حضرة هذا الصمت البارد الكبير..
تتطاير في الفضاء كلماتنا الهشة كنحن..
و كالهباء تماما ننطفئ.. في ليلهم..
و نحن الذين اعتقدناهم نجومنا في دامس الليل وجغرافيا المسافات..
حتى الشموع الوحيدة الباقية من ذكرانا..
أطفأها ريح الثلج وصارت مثلنا.. بقايا الرماد..
يا أجنحة الفراشات.. ويا قسوة القناديل...!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى