رسالة من كاهنة زغدوش إلى ثيودور دوستويفسكي

عزيزي فيودور...

فكرت منذ أعوام أن أكتب رسالة لك لكني الآن ممسكة بالقلم وأكتب إليك لكن كل ما كتبته هو عزيزي فيودور فقد خانتني الكلمات والأفكار لأنه علي أن أجد كلاما يليق بحضرتك، فهل أقتبس الآن أيضا منك، هل أصف الشارع أم المقهى، أو طعم كعكة الفواكه البرية وكوب القهوة التي حال بيني وبين الإستمتاع بها شاب مصري يشرح مشاعره لفتاة، واضح جدا أنه لا يمكن أن تحبه، ولو لحظة واحدة أتجرد من ذاتي وأقسمها بينهما وأحس بما يحسه الإثنان معا الشغف والملل في نغمة واحدة أود أن أطلب منه الحديث بهدوء فالحديث بصوت مرتفع بدون لازمة يبعد القلوب وأن المشاعر معقدة لكنها ليست معادلة كي نقوم بشرحها لأنها رغم ذلك التعقيد لا تقبل الشرح بل تحس وفقط .
سأحدثك عن رجل أعرج أنيق دخل المقهى رفقة إمرأة مسنة مظهره الخارجي لا يشبه مارميلادوف، لا يمكن أن يشرب من كأس شخص آخر كيف عرفت؟ لأنه مسح ملعقة نظيفة للغاية بمنديلين مالذي يجعل شخصا عليلا هكذا هل تمرغ في الوحل بسبب إعاقته قبل عشرين سنة، هل سخر منه زملاؤه قبل ثلاثين سنة ورموه بالقذارة، ولم يستطع الجري بعيدا عنهم؟ تركته تلك المسنة بعد دقائق وبدأ يشبه مارميلادوف ويزحف فارا من وحدته تجاه هاتفه الأيفون ولوحة إلكترونية ولم يرفع رأسه بعدها رغم أن تعابير وجهه كانت تتغير باستمرار بعد أكثر من ربع ساعة، ثبت وجهه على ملامح تشبه ملامح كافكا لكن بعيون زرقاء وأذنين صغيرتين تعتليهما حمرة شديدة، بصمت إستند على حقيبته الأنيقة جدا وغادر متعرجا دون أن يكون راسكولنيكوف رفيقا له في هذه الشوارع الباردة الجميلة الموحشة .
علي أن أتوقف عن رؤية الأشياء من حولي فسأتيه دون أن أخرج بصورة واضحة فأنت وحدك من تمسك بالقلم كمن يمسك بدمية يحركها حسب ما يشتهيه .
في محاولتي للكتابة لك أجد نفسي أكتب عنك مجددا لكني سأحاول مجددا علك في مكان تستطيع فيه سماع كلماتي فلا أحد يعلم أين أنت !
هل فكر أحدكم في كتابة رسالة إلى كاتبه المفظل ؟


كاهنة زغدوش



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى