أ. د. عادل الأسطة - ذاكرة أمس ٩٤ : صباح مبكر في جامعة النجاح ، ولا حنين إلى أي شيء

منذ تقاعدت من عشرين شهرا نادرا ما ذهبت إلى الجامعة في العاشرة صباحا .
أمس غادرت شقتي في الثامنة لكي أرأس لجنة مناقشة رسالة ماجستير للطالبة روان باسل البزور ، وهكذا عدت إلى الجامعة من جديد عضو هيئة تدريس متقاعد .
وأنا في الطريق خطر ببالي أن أسافر إلى يافا متناسيا موعد المناقشة .
ماذا لو فعلت ذلك حقا ؟ ثم وجدتني أشتري الفول لأفطر وأشرب الشاي وأواصل طريقي إلى الجامعة .
هذه ثاني رسالة أرأس لجنة مناقشتها منذ تقاعدت ومنذ " تكورن " العالم أيضا ، ومنذ " تكورن " العالم شاركت في عدة ندوات ومؤتمرات " متزوومما " - عبر الزووم - فلا سفر ولا نقاش في الفندق حول قضية أدبية ، أو حول مائدة الطعام ، ولا تعرف إلى زملاء جدد ، ولا تبادل كتب ، ولا سهر حتى ساعة متأخرة في بهو الفندق ، ولا عشاء على شرف جهة ما . هل فقدت المؤتمرات والندوات وهجها وبريقها وحيويتها وألقها ؟ ومثلها أيضا جلسات مناقشات الرسائل العلمية ؟
كان عدد الحضور أمس ، عدا أعضاء لجنة المناقشة ، ستة أفراد ، ومع ذلك فقد كانت جلسة ناجحة ، وما أضفى عليها قدرا من البهجة والفرح حضور زميلات روان واحتفالهن بزميلتهن .
هل انتابني أمس حنين إلى الجامعة وأيامها ؟
في الجامعة مرحبت بعض الموظفين ممن أعرف ، ويخيل إلي أن وباء الكورونا ألقى بثقله على حياتنا كلها حيث استنفد التفكير بأي شيء آخر ، ما يعني أنه قضى على الحنين إلى أي شيء .
ما زالت مباني الجامعة خلوا من الطلاب ، وما زالت الساحات مقفرة ، فلم يستأنف بعد التعليم الوجاهي . هل نجحت الكورونا في عمل Delete لسبعة وثلاثين عاما أنفقتها في الجامعة ؟
لا حنين إلى أي مكان .
لا حنين إلى صداقات أو زمالة .
لا حنين إلى مكتبة الجامعة .
لا حنين إلى مكتبي في الجامعة . وشغفي كله في هذه الأيام هو السير في البلدة القديمة وذرع شارع النصر والجلوس في مقهى أو في باب الساحة وتأمل الأشياء والتساؤل :
- لماذا تخلو نابلس من ساحة كبيرة كساحة مدينة ( براغ ) أو ساحة ( المارين بلاتز ) في ( ميونخ ) ؟
ماذا لو هدمت بلدية نابلس بنايات سوق الذهب والبنايات المجاورة وعبدت المكان وجعلته ساحة واسعة ومقاهي رصيف ؟
عندنا مثل يقول " الفاضي بعمل قاضي " وهناك مثل ثان يقول " قلة الشغل بتعلم التطريز " وحين يكون المرء بلا عمل ينعت بأنه " مهندس شوارع " . هل صرت مهندس شوارع ؟
لو كان ثمة بحر في نابلس لوجدتني أسكن قريبا من شطه أتأمل أمواجه وأنظر إلى البعيد ! لو ! وبحر أهلي ؛ بحر يافا سرقه أبناء العمومة وسرقوا منا الرغيف كله وأعطونا مقاطعة في رام الله وأخرى في نابلس وثالثة في أريحا ورابعة في الخليل وخامسة في جنين ، ولا نصير ولا معين ، وما دام الرئيس بخير فالوطن كله بخير - أي والله !
صباح الخير
خربشات
١٨ حزيران ٢٠٢١ .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى