عماد الدين التونسي - إِعْلاَنٌ وَ رَحِيلٌ

حِينَ أعْلَنْتِ الْرَّحِيلَ
تَهَدَّمَتْ قُصُورِي
مَدَائِنُ أَحْلاَمِي
دَفَاتِرُ تَارِيخِي آلْمَنْسِيِّ
حِين أَعْلَنْتِ الرَّحِِيلَ
قَرَّرْتُ الْهِجْرَةَ إِِلَى صَحَارِي وِحْدَتِي
حَيْثُ قُصَاصَاتُ الرَّمَادِ
وَفَوْضَى الْلَّيْلِ الْغَارِقِ الْعَائِمِ
فِي خَاصِرَةِ وَجَعِي
قَرَّرْتُ آلْإِِعْتِكَافَ
فِي مَنْطِقِ سُكُونِي
وَتَفَاصِيلِي الْمُتَسَرْبِلَةِ
حِينَ أعْلَنْتِ الْرَّحِيلَ
أعْلَنْتُ تَوْبَتِي
مِنْ عَادَاتِي الثَّابِِتَةِ
حَتَّى حَقِيبَةَ سَفَرِي
لَمْ تَكُنْ كَمَا كَانَتْ
فَكُلُّ مِسَاحَاتِهَا
حَمَلْتُ الْكَثِيرَ مِنْكِ إِِلَيْكِ
كُنْتِ الْحَاضِرَةَ بِالْغِيَابِ
كُنْتُ الْغَائِبَ بِالْعِتَابَ
حِينَ أَعْلَنْتِ الرَّحِيلَ
نَثَرْتُ نَوْبَاتَ إِِشْتِياقِي الْمَجْنُونَةَ بِحِسِّكِ
مِنْ جُيُوبِ نَبَضَاتِي الْبَارِزَةَ
نَضَّمْتُ خُيُوطَ لَهْفَتِي الْمُكْتَنِزَةَ بِعِطْرِكِ
فَطَافَتْ لَوَاعِجِي الْهَرِمَةَ
وَجُيُوشَ هُيَامِي الْمُتْعَبَةَ
تُفَاوِضُ الْوَجَعَ فِي كُلِّ زَوَايَايّ
لِيُعِيدَ حَرَكَةَ الْإِِتِّزَانَ
مَشْرُوعَ تَثْبِيتِ الْأََلْوَانَ
لِفُؤَادٍ أَعْيَاهُ وَعْثَاءُ السَّفَرِ
تِرْحَالُ النُّجُومِ
كُسُوفُ خُسُوفُ الْقَمَرِ
حَقِيبَتِي حَبِيبَتِي
مَازَالَتْ تَضُجُّ بِالْحَيَاةِ إِِلَيْكِ
مَازَالَتْ تُشْبِهُ عَاصِمَةً بِلوْنِ عَيْنَيْكِ
مَازَالَتْ تَحْضُنُ رَوَائِحاً بِعِطْرِ الطِّينِ
فِي سَبِيلِ قُبْلةٍ مِنْ خَدَّيْكِ
مَازَالَتْ تَعِيشُ الذِّكْرَيَاتَ بِضَحْكَةٍ مِنْ شَفَتَيْكِ
حَقِيبَتِي إِعْلاَنٌ
لِثَوْرَةِ آلْإنْعِتَاقِ
وَأَمَلٌ لِنُبُوءَةِ آلْإِشْتِيَاقِ

عِمَادُ الدِّينِ التُّونِسِي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى