أ. د. عادل الأسطة - ذاكرة أمس ٩٨ : خطبة الجمعة الأولى في المسجد الأقصى بعد التحرير

إن صحت التوقعات بأن زوال دولة اسرائيل قاب قوسين أو أدنى ، فليس إعلان وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بغزة عن بدء التسجيل للمسابقة العالمية " إمام المسجد الأقصى بعد التحرير " بمستغرب .
البيان وصل وكالة " صفا " يوم أمس والتسجيل بدأ يوم الأحد ٢٠ حزيران وينتهي الأحد القادم ٢٧ حزيران ، وثمة نموذج تسجيل موجود على موقع وزارة الأوقاف .
الذي أرسل إلي الخبر علق بالجملة الآتية :
" لا تعليق " .
وأنا عدت بذاكرتي إلى العام ٥٨٣ هجري الموافق ١١٨٧ ميلادي ، ويومها تسابق الخطباء لإلقاء خطبة الجمعة الأولى بعد تحرير بيت المقدس وتخليصه من أيدي الغزاة الصليبيين ، ويومها اختار صلاح الدين الأيوبي محيي الدين ابن الزكي ليلقي الخطبة التي وصلت إلينا كاملة ووردت في كتاب أبي شامة المقدسي " الروضتين في أخبار الدولتين ؛ النورية والصلاحية " - النورية نسبة إلى نور الدين زنكي والصلاحية نسبة إلى صلاح الدين الأيوبي ، وإن اختارتني وزارة الأوقاف لإلقاء الخطبة الأولى بعد التحرير فسوف أعتمد على خطبة ابن الزكي ، ووعدا علي أن أذهب إلى الأقصى من نابلس مشيا على الأقدام ، ووعدا علي أن أقيم في القدس قرب الأقصى حتى يقبض ملك الموت روحي ، ولن أكترث يومها بسخرية الساخرين ومنهم طلابي الذين علمتهم قصصا مثل " اشتراكي حتى الموت " و" يا أيها الكرز المنسي " وزرعت فيهم أفكارا مثل " نهايات اليسار في الرواية العربية " .
هل سيفعلها السيد حسن نصرالله الذي أخذ يردد بأن إسرائيل أوهى من بيت العنكبوت ، وهل سيفي السيد يحيى السنوار بوعده ؟ ورحم الله ياسر عرفات الذي طالما ردد :
" يرونها بعيدة وأراها قريبة " و " في العام القادم حنصلي في القدس " وحلم بأن ترفع شبلة من شبلات فلسطين العلم الفلسطيني فوق أسوار القدس .
إن صحت التوقعات فليس " آت ببعيد بل قريب ما سيأتي " على رأي إميل حبيبي في تصديره لإحدى قصص " سداسية الأيام الستة " .
ليس آت ببعيد بل قريب ما سيأتي ، وأول أمس " هفت " نفسي على التمرية التي أعدها البائع لمجموعة من زوار شارع النصر ، وحين هممت بشراء قطعة اعتذر البائع فالكمية مبيعة كلها . أمس كانت التمرية تنادي على الآكلين :
- يا من يشتري ؟!
فاشتريت تحسبا من أن يقول صانعها :
- سبحان الله ! أمس سأل عنها حين كانت مبيعة ، واليوم معروضة أمامه ولم يسأل و ... و ... وأكلت القرص وها هما قدماي يرقصان من الزيت المقلي . " النفس دنية " يقولون .
كان شارع النصر أمس مساء خاليا من المشاة وكانت أكثر المحلات تنتظر زبائن لا يأتون إلا محل حلويات الأقصى ، ويبدو أن كثيرين من أهل المدينة ما زالوا على اعتقادهم بأن " كنفنجية " نابلس يصنعون كنافة الصباح لأهل الريف " غش وشلفقة وكيفما اتفق " وكنافة المساء لأهل المدينة " نظافة وإتقان وعلى نار هادئة " ، وياما في السجن مظاليم !!
وأنا عائد إلى الجزء الشرقي من المدينة بدا سائق الحافلة ضجرا . هل كان ذهنه منصرفا إلى قرية بيتا والمظاهرات فيها ضد المستوطنين الذين يريدون إقامة مستوطنة على جبل " صبيح " ، أم أن غلة أمس لم تكن وفيرة و ... و ... وماذا تخبيء لنا الأيام ؟
هل ستتجدد الحرب أم سيبدأ إعمار غزة ؟
أغلب الظن أننا مثل ( بنيلوب ) في الأسطورة الإغريقية ، أو مثل التي نقضت غزلها من بعد قوة إنكاثا في القرآن ، أو مثل سيزيف ؟
الليل هاديء وبعض أهل الضفة صاروا يفكرون برحلات إلى حيفا ويافا وعكا ونهاريا والجولان والسؤال الذي سئلته أمس من صديقي الدكتور Ali Habayeb ، حيث التقينا معا وشربنا الشاي مستمتعين بشيخوختنا وتقاعدنا ، هو :
- هل عادت دولة إسرائيل تسمح لمن هم فوق الخامسة والستين بدخول القدس ويافا وحيفا ؟
صباح الخير
خربشات
٢٢ حزيران ٢٠٢١ .



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى