حبيب النايف - منحدرات محدودة الاتساع..

المدينة التي فقدت اضواءها
تودع القطارات المغادرة قبل اوانها
وتكتفي بالتلويح لها
لذلك تمحو من ذاكرتها صور المفقودين
الذين اختفوا في حروبها السابقة
وهم يمنحون اعمارهم قرابين للوطن ،
الظلام الذي يبحث في جيوب الشوارع
عن ظله المفقود
يئن من الوحشة
يتلفت خوفا من الريح التي تصفر بالقرب منه
الفراغ الذي يُضَيق الخناق عليه
يصطاده بغفلة ،
ويفر به باتجاه المناطق الموبوءة بالخراب ،
في اللحظة التي يتوارى فيها الضوء
ينحني الشجر المتثاقل باغصانه
وتغلق البيوت الابواب
كي تحافظ على اسرارها
ويظل الصفير يعزف مواويله الحزينة
بالقرب من الاسيجة التي فقدت هيبتها ،
بعد ان تمردت عليها القطع السوداء ،
لتحتل حيزها الاكبر ،
لم يبق من أرواحنا سوى الالم الذي يسكنها
بعد ان تحول الى مرجل يغلي
تفور فيه كل الاحتمالات التي نحاول الاستعانة بها للخروج
من هذه المحنه التي صادفتنا
ونحن ننتظر الصعود بالحافلة ،
هكذا نقتسم الخيال الذي يحاصرنا
بين فرصة ضائعة
واخرى نحاول الاستفادة منها
لترويض الارق الذي
يحفر بهوسه المتصاعد
انفاقا في الذاكرة المعطوبة من كثرة التفكير .
كلما نحاول الارتفاع الى الاعلى
تضيق المسافة بين اقدامنا
ويجرنا حبل الوهن
نحو منحدرات متعرجة محدودة الاتساع ،

حبيب النايف /الناصرية

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى