فنون بصرية فايز سرساوي - الفنانة دينا مطر

مراحل دينا مطر

ليس مستغربا إحتشاد هذا الكم المحب للفن للمشاركة بافتتاح معرض تشكيلي بمدينة غزة، حيث من اللافت عبر سنوات طويلة من التراكم الكمي والنوعي ان الأمر قد اضحى تقليدا تعتز به الساحة الثقافية بالمدينة ويدعو لإطمئنان ومعافاة مكونات المشهد الثقافي الغزي المدني بالمفاهيم النسبية، رغما عن كل ما يعترى واقع الحال من مختلف الصعاب و التحديات التي لا تنتهي. تلكم هي ملاحظة أولى وعابرة تقودنا لعبور عتبات مراحل المعرض بأعماله المتنوعة والتي أتت بما يشبه العرض الإسترجاعي لمختارات من تجربة الفنانة الشابة "دينا مطر " عبر سنوات تجربتها التشكيلية المتواصلة بمنحنى تصاعدي يتطور بمستوى عال من الثقة وروح الإبتكار.
لست هنا بصدد تناول تفصيلي حول الأعمال وتحليل محتواها حيث يحتاج ذلك الى مساحة أكبر لا يتسع لها المجال، وقد أشارت الى بعض من ذلك الفنانة نفسها في كلمة التقديم التي أصغينا اليها أثناء وقفة الإفتتاح بفناء صالة عرض الفنون بالمركز الثقافي الفرنسي.
جل ما أود الإشاره اليه وإجماله هنا هو تسجيل إنطباعاتي الأولية لما أشاعه مناخ المعرض من شحنة التفائل والإشراق اللوني التي إنعكست أثارها على وجوه ونظرات عيون الحضور عبر تلك المساحات اللونية والتكوينات ذات الدعوه الواضحة والصريحة للتخلي عن مشاعر التوتر والقلق والتشنج والبدء في حوار هادئ ومتبادل بين ومع هذا الطيف الواسع من المفردات البصرية السابحة في ملكوت من العزف على أوتار لونية حالمة بعوالم تمتلك مكونات التماسك والانسجام، مكتفية بذاتها ولذاتها، دون تردد أو وجل.
هنا نحن نشاهد ونستمع لتنويعات سيمفونية لونية لا تغادر إيقاع نشيد الفرح و الابتهاج.. النغمة الشعرية الغنائية.. هل هذا هو عالم المرأة الساكن في روح الفنانة ؟!! والمتقمص لرغبات الإنسان الدفينة للبحث عن قيم وعناصر الجمال المفقود، أو الذي في طريقه للإبتعاد لصالح قيم أخرى مجلله بكل ما هو مأساوي وردئ !!.. البحث في جسد التكوين عن الهيكل الناظم للعناصر، والإيقاع والتوازن لواقع يقف على حافة الإنهيار أو يكاد .
إن التمثيل الواقعي لتوليفات الأعمال بما ترتكز عليه الخطوط الأفقية والعمودية والدائرية في تجلياتها الصوفية حينا، وبعدد محدود من الألوان، وترتيبها على سطح ثنائي الأبعاد لهي في حالة من البحث المبتعد بنسب محتسبة عن القواعد الكلاسيكية والأكاديمية، والتركيز على الرغبات الباطنة للفنان .
هنا قد نجد انفسنا قريبين عما ذهب اليه من توتضيح وشرح الفنان الروسي الاصل " فاسيلي كاندينسكي" Wassily Kandinsky حين عبر حيال تلك الرغبات الباطنة قائلا (لا نهتم بالدعوة إلى شكل معين أو نظام محدد وهدفنا أن نيسر من خلال استعراض الأشكال المتنوعة، التعبير عن الرغبات الباطنة التي يستشعرها كل فنان بالطريقة التي ترضيه، سواء كانت هذه الطريقة تعبيرية أو تكعيبية أو محاولات تجريدية) .
المرأة بما هي نظرة الفنانة اليها كمبعث لثنائية الوجود لا تبدو في أعمال المراحل الاولى واللاحقة كتيمة شكلية أو إستثنائية وفقط، بل نراها هنا أس العمل وجوهره، مبناه ومعناه حضورا ولونا وإنفعالا .. تتصدر قاعة العرض مجموعة من الأعمال ذات الطبيعة التكوينية الحرة و الخارجة عن إطار المفاهيم الكلاسيكية بالمفهوم الاكاديمي.. تلك الأعمال وإن بدت كأنها تتميز بأبعادها التجريدية المحضة، فإننا لا نسطيع قراءتها بمعزل عن مجمل المناخ الذي إكتنف رؤية الفنانة ونظرتها المتفائلة إيجابيا تجاه أحاسيس ومشاعر سائدة في أغلب ثنايا أعمالها المختلفة كما أوضحته هي في مقدمة كتيباتها لمعارضها المتتالية، وكذلك لما اكتسبته رؤيتها وثقافتها الفنية خلال إقامتها الباريسية بالحي الدولي للفنون.
وهذا أيضا يجعلنا نؤكد على ما ذهب اليه الفنان الاسباني " خوان ميرو" Joan Miró عندما نظر للأمر كتعبير عن واقع ذهني ملموس يشكل جزءا من العالم الواقعي.
وليس آخيرا؛ فان ما تقترحه المبدعة دينا مطر عبر مراحل تجربتها التشكيلية وتجريباتها الغنية والمتنوعة لهو في واقع الأمر دعوة مغايرة للنظر لما هو مشرق ومضيئ في ما ينشده الفن تجاه إستحقاقات الحياة . وهذا أيضا ما دعانا اليه الفنان محمد الحواجري "زوج الفنانة دينا " بتغريدته عبر فيس بوك أثناء تجهيز المعرض مشيرا لعدم إضاعة فرصة الإستمتاع ببحر من الألوان المبهجة مؤكدا على عدم التردد بإحضار أدوات السباحة حيث من المتوقع حدوث غرق بين أمواج الألوان وجمال الزخرفة المنسوجة بكل الدقة والإتقان.
على هامش معرض /نيسان 2017



1624869938636.png


1624870063369.png


1624870116132.png



1624870156432.png


1624870215427.png


1624870275176.png


1624870332597.png


1624870394834.png




1624870444517.png




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى