د. سليم جوهر - تفاهة الشر / تبرئة الفساد.. (احتراق المرضى انموذجا)

الشر لا يحتاج ان يرتكبه الشياطين، بل يرتكبه الحمقى والاغبياء() والانهيار الاخلاقي الذي يسببه فساد السلطة، والعجز عن التفكير او التفكير من وجهة نظر آخر (التفكير من خلال فكر تاج الراس).
كيف يمكن للوضع المأساوي ان يتحول الى وضع فلسفي (باديو)، يقال عندما تحدث المفارقة، او عندما يفتقد المعيار المناسب بين حالتين المفروض ان تكون متشابهتين، لتتحول الى نقيضها، فيرتبك المعيار، وتفشل كل المقاييس في ايجاد النسبة بين الفاعل والفعل.
اخترع الانسان المشافي من اجل الشفاء، من اجل استعادة الصحة، لكن ان تتحول هذه المشافي الى محارق وقبور وموت مجاني وبالجملة تلك هي المفارقة المبكية المضحكة.
واوجد الانسان الدولة من اجل تحقيق العدالة ونشر القيم الأخلاقية لتحفظ للمجتمع امنه وسلامته، لا للتمتع بمغانم السلطة، ونشر الفساد، وقتل كل القيم الاخلاقية والانسانية.
ان الطبيعة المتخفية للشر يكمن في داخل نظام مغلق، تديرة مجموعة من المجرمين المرضى ويهدف الى نزع الشخصية الانسانية عن ضحاياه، عبر تصدير الفهم على انهم مجرد ضحايا لسوء الادراة، او نتيجة للعنف، اي عبر تحويل واقعية الموت المجاني المفرط في واقعيته على قول ()، الى رمزية "المسؤولية" لتتحول المسؤولية الاخلاقية لرجال السلطة الى سوء ادارة مثل"التفريط بشروط السلامة المهنية" فيتم تبرئة الفساد والمفدسين.
الخير وحده يمكن ان يكون جذريا، اما الشر فلا يمكنه ذلك إلا ان يكون متطرفا ()، لذا يتولد الشر من فشل في التفكير، فهو يتحدى التفكير، فحين يتصدى الفكر للشر ويتقصى المقدمات واصولها، يصاب بالارباك حين لا يجد شيئا سوى ان المسبب "فاعل مشؤوم" (صغير في سلم الادارة) ويتم تجاهل المنظومة المسببة لذلك، تلك هي "تفاهة الشر".

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى