أ. د. عادل الأسطة - الفيسبوك ونكتة "خدش المعايير الاجتماعية ومخالفتها"

أطرف ما في الفيس بوك الذي قدم لنا خدمات جليلة لا تعد ولا تحصى هو أن يأتيك تنبيه يحظر فيه حسابك لمدة محددة بسبب منشور ما رأت فيه جهة ما أنه يخالف المعايير الاجتماعية ويخدشها ، كأن تكتب عن الشهيد ووصاياه وأحلامه مثلا وحلمه بالحور العين .
منذ شهرين تقريبا ، بعد تسع سنوات من فتح حساب في الفيس بوك ، أخذت أتابع اليوتيوب أكثر وأشاهد أشرطة الفيديو أيضا أكثر ، غير مبال بمراقبة جهات ما هاتفي ومعرفة ما أشاهد ، لنعتي بما أنعت به ، فلا حياء في طلب المعرفة ومعرفة ما يدور في عالمنا وما يعرض في صفحات يتابعها مئات الملايين من سكان المعمورة .
صرت أشاهد أشرطة عن الكلاب المنزلية لسيدات وحيدات ، وأشرطة أخرى مقتطعة من مسلسلات غربية ، وثالثة عن التدليك ، ورابعة عن نكات باطنية لمن هم فوق الثامنة عشرة ، وخامسة لسيدات يبحن بمعلومات عن تجاربهن لا يباح بها ، وأغلب الظن أنها مفتعلة ومتكلفة أو صادرة عن بشر مرضى أو جاهلين ، وسادسة عن حياة لاعبي كرة القدم المشهورين وأسعار انتقالهم الخيالية من فريق إلى آخر وهي في الغالب تعتمد على تخمينات وإشاعات وتقديرات أو أمنيات . وأظن أنني كتبت مرة عن المليارات التي تدرها مواقع البورنو في العالم .
في الأشرطة المشار إليها ، عدا مواقع البورنو ، ما يخالف قوانين المجتمعات المحافظة ويخدش الحياء العام أضعاف أضعاف ما يظهر في منشور تعاقب على نشره بحظر نشاطك وتقييده لمدة شهر أو أقل قليلا ، فلماذا لا تحظر إدارة الفيس بوك الفيسبوك نفسه على ما تعرضه أو تسمح بعرضه مدة من الوقت ؟
شخصيا صرت أخاف على الأطفال والمراهقين من هذه الأجهزة ، وصرت أردد عبارة :
- كان الله في عونهم على مستقبلهم .
وصرت على يقين من أن المستقبل القريب سوف يؤدي إلى انهيار المنظومة الأخلاقية للمجتمعات المحافظة بالكامل ، وقد يؤدي إلى انهيار العائلة وسقوطها بوتيرة متسارعة جدا ، فإذا كان انهيار العائلة في الغرب احتاج إلى قرون وإلى حربين عالميتين وثورات طلابية واقتصادية فإنه في عالمنا العربي وفي بعض دول العالم الإسلامي لن يحتاج إلى أكثر من بضعة عقود من السنوات .
سترتفع نسبة الطلاق ارتفاعا متسارعا وستتفشى ظاهرة العزوبية وسنشهد ممارسات اجتماعية أخلاقية ما كانت تخطر على بال أبناء جيلنا إطلاقا .
ولا أعتقد أن الآباء قادرون على ضبط أطفالهم ومتابعتهم ، ولا أعتقد أيضا أن المدرسين والمربين قادرون على الشيء نفسه .
صحيح أن الفيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي تقدم لنا خدمات جليلة ، ولكن من يتابع ما يتابع من المنشور والمعروض والاشرطة يلحظ أن الاعجابات والتعليقات غالبا ما يكون نصيبها الأكبر لمنشورات هابطة واشرطة فاضحة ، وأن كثيرا من المحافظين يتابعونها متابعة حثيثة .
الموضوع بحاجة حقا إلى التفكير فيه وإلى تأمله أكثر ، فما كتبته ليس سوى انطباعات سريعة عابرة .
شاهدوا مثلا شريط تدليك رجل لامرأة وأقرأوا التعليقات عليه والجهات التي صدرت عنها تلك التعليقات لتلاحظوا من هم المشاهدون ، والمخفي أعظم .
صباح الخير
خربشات
٣١ تموز ٢٠٢١ .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى