أ. د. عادل الأسطة - حرائق الغابات في القدس : "يا ربي شو هالعيشة"

ما إن تقرأ عن الحرائق المشتعلة في غابات المدينة المقدسة حتى تعود بك الذاكرة إلى إحراق المسجد الأقصى وقبة الصخرة بعد حزيران ١٩٦٧ . يومها فعلها فاعل بقصد واتهم بأنه مجنون .
وما إن تقرأ عن الحرائق هناك حتى تتذكر القصة الطويلة التي كتبها الكاتب الإسرائيلي أستاذ الأدب المقارن في جامعة حيفا ( ا . ب . يهوشع / ابراهام يهوشع ) ، وقد تتذكر أيضا حرائق الكرمل في العام ٢٠١٠ .
هل كانت الحرائق بفعل فاعل ؟
ثمة بارانويا بالتأكيد تلازم الإسرائيليين ، بهذا الخصوص ، ملازمة الشخصيتين العربيتين للشخصيات اليهودية في رواية ( عاموس عوز ) " ميخائيل الذي يخصني " .
في العام ٢٠١٠ كانت أصابع الاتهام تشير إلى العرب ، والآن ثمة ترجيح أن تكون الحرائق اشتعلت بفعل فاعل لم تحدد هويته القومية .
الخيالي هو الواقعي :
قبل أن تشتعل الحرائق في هذه الأيام في غابات القدس اشتعلت فيها في النصوص الأدبية .
يكتب ( يهوشع ) قصته الطويلة عن طالب إسرائيلي يدرس التاريخ في الجامعة ويؤدي خدمته الاجتماعية في القدس حارسا لإحدى الغابات ، وفيها تطالعه شخصية عربي مقطوع اللسان ينتمي للمكان ، ويبحث الطالب في فترة الحروب الصليبية .
ما صلة العربي بالمكان ؟
إن لم تخني الذاكرة فإن النار تشتعل في الغابة . هل كان ذلك العربي هو من أشعلها ؟
قرأت " أمام الغابات " في بداية ٩٠ القرن ٢٠ ، وترجمت في العام ١٩٩٦ دراسة من الألمانية عن صورة العربي فيها ، ولكني سمعت ملخصها من الدكتور شوكت زيد في نهاية ٧٠ القرن ٢٠ ، وكان يعمل طبيبا في وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين وكان أحد أمناء جامعة النجاح الوطنية ثم رئيسا لها في فترة ، وقد نقلت القصة إلى اللغة العربية .
غابات القدس الآن تحترق ، والسلطة الفلسطينية مستعدة للإسهام في اطفائها كما أسهمت من قبل في إطفاء حرائق الكرمل ، وأظن أن الدولة العبرية يومها لم تقدم جزيل شكرها للطواقم الفلسطينية ، كما قدمته لطواقم المساعدة من الدول الأوروبية .
الدولة منذ تأسيسها تحيا حرائق في حرائق .
حرائق الحروب وحرائق الغابات وإحراق المسجد الأقصى وقبة الصخرة وإحراق محمد أبو خضير . حرائق في الروايات وحرائق على أرض الواقع وحرائق في النفوس و ... وكان محمود درويش قال :
" يا دامي العينين والكفين
إن الليل زائل
لا غرفة التوقيف باقية
ولا زرد السلاسل
نيرون مات وروما لم تمت
روما بعينيها تقاتل "
و :
" فإذا احترقت على صليب عبادتي
أصبحت قديسا بزي مقاتل " .
وهذه هي حياتنا . إنها مثل حياة جبر ، ورحم الله زميلي جبر ، وليس هو المقصود بالقصة التي انتهت بالسطر الدال :
" مثل جبر من بطن أمه للقبر " .
صباح الخير
خربشات
١٨ آب ٢٠٢١




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى