لطيفة زهرة المخلوفي - الحريم في كتابات فاطمة المرنيسي.. الحلقة الثامنة

الحلقة الثامنة


تأتي الحلقة الثامنة من سلسلة "مفهوم الحريم في كتابات فاطمة المرنيسي"، استمرارا في بسط خطوط مفهوم الحريم الأوروبي كما حددته الكاتبة والنسوية السورية "رحاب منى شاكر"، حيث تنطلق هذه الأخيرة من كون الحريم الإسلامي ليس بريئا تماما من قيود الجمال والزمن التي يتم قوقعة النساء فيها بخطابات الموضة ومعايير الجمال والتي ترعاها مؤسسات الاعلام الغربية في تسويقها للجمال عبر مواد استهلاكية وصيحات رائدة.
فتتوقف الأستاذة "رحاب" عند زواج القاصرات كصورة مصغرة لقيود الجمال والزمن.
وتستفهم حول أسباب خوف المرأة الناضجة أن يتزوج زوجها عليها بامرأة تصغرها سنا. واصابة بعض الشابات بداء الريجيم.
ومن منطلق كل هذه الأسئلة تؤكد أن المرأة العربية ربما ليست ضحية الجمال ومقاسات الخصر المذهلة بالقدر الذي تعاني منه المرأة الأوروبية، ولكن ذلك لأنها مازالت حبيسة المكان واللباس "الشرعي" والحجاب، ولم تختلط بحرية في عوالم الرجال إلى درجة تضطرها إلى تقييم يفاعتها من خلال مقاس خصرها واحمرار خدها.
أيضا تتوقف "رحاب منى شاكر" بتمعن عند مقارنة المرنيسي بين الحريم الأوروبي والحريم الإسلامي كما عرفناه عند السلاطنة والخلفاء، وتستغرب مهاجمتها الأول أي الحريم الاوروبي بشراسة، بينما تبتكر الأعذار الخجولة للثاني اي الحريم الاسلامي.
فمن أين جاء تسامحها مع الخليفة هارون الرشيد فجأة، وبخاصة أننا نعلم أن الحريم شهد ازدهارا غير مسبوق في العهد العباسي، ألا يتواتر أن ذلك الخليفة بالذات كان يمتلك ألف جارية أعجمية؟.
في هذا السياق انتقدت "رحاب منى شاكر" مبالغة المرنيسي في رمنستها لحياة الجاريات اللواتي قدرن برأيها على التملص من قدرهن الحزين عبر التميز عن الأخريات.
فاتخذت المرنيسي من شهرزاد الجميلة والمثقفة أمثولة لها دون أن تتوقف طويلا عند النساء اللواتي قتلهن شهريار قبل تآلفه مع شهرزاد.
تقر صاحبة مفهوم الحريم الاوروبي أن المرنيسي ربما كانت قلقة بخصوص تفوق الغرب (المستعمر السابق)، ومن فوقيته حيال التاريخ الإسلامي، وهو ما دفعها الى الدوذ عن تراثها برومانسية وتفاؤل مجحف.
على الطرف النقيض تدافع رحاب منى شاكر عن الخيار الأجدر الا وهو مهاجمة الحريمَين ( الإسلامي والأوروبي) بالضراوة والشراسة ذاتها.
لكن يبدو أن المرنيسي الشابة كانت أقل ميلا للتفاوض مع التراث الإسلامي من المرنيسي الأكبر سنا.
كتبت المرنيسي ايضا كتابا آخر له أهميته في فهم جوانب أخرى من الحريم في أوروبا، وهو "هل أنتم محصنون ضد الحريم" الصادر سنة 1998.
ومن الأسئلة التي طرحتها من خلاله على سبيل المثال لا الحصر، كيف يكون صاحب القرار في مدينة (أوروبية) تعمل فيها النساء؟.
وهو سؤال جوهري في الحضارة الحديثة. ويبدو بالفعل أن المرأة سوف تواجه أنواعا جديدة من الحريم والمقاومة حالما تخرج إلى العمل وتتقدم في مشوراها التحرري، كما حصل مع المرأة الأوروبية مثلا. إن نموذج عارضة الأزياء الطفلة الهشة المنتشر في أوروبا، والمحبوب من قبل الفتيات، ليس سوى أحد أساليب "تعويض" المرأة عن تفوقها المهني والمادي وخروجها عن حدود الحريم.
وترى "رحاب منى شاكر" احتمالية وجود أساليب لم تختبر بعد في رد المرأة إلى موقعها في الحريم إثر كل محاولة خروجها منه، وحسبها فدراسة الحريم الأوروبي ربما تكون بوابة لاستشراف المستقبل بهذا الخصوص.


لطيفة زهرة المخلوفي -





1631206545407.png



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى