سارة حمزة الجاك - الأم.. قصة قصيرة

مهمة الأمهات السلام
، كل من أهداك سلاما فهو أمك
اللهم أجعلنا ممن يبعثون السلام ،اللهم أجعلني من الأمهات
آميين
تفكرت مليا ، ترى كم من أم مكلومة تحمل قلبها النازف بين كفيها، تبحث عن أبنائها، خطاها مثقلة، ملامحها باهتة، وقفت أمام شيخ كبير،بادرته بالتحية ردها، أعادته نبرة صوتها لزمان سحيق، فرفع رأسه بعد أن كان مطرقاً، تفرس في قسماتها، جبهة أبية، عينان نافذتان، أنف أشم ، وشفاة ممتلئة بالحياة والحياء،إنتبه ثم، باغتها بسؤاله
أنت أمهم؟
قالت نعم
أين بنيك
بني نحروا قلبي كما تري ثم تفرقوا في الأنحاء
لماذا حدث ذلك
لانهم ضيعوا الحكمة في صيغة الجمع نفعل، وعبدوا ضلالة الفرد بصيغة أفعل، فصار كل منهم أشجع من أخيه وأفهم منه، بحق كان أو بباطل
ماذا تفعلين الأن؟
أبحث عنهم لأجمعهم علي قلبي الذي يحمل صيغة جمعهم، فأحقن دماءهم، ويواصلوا مسيرة اجدادهم في الحب والحياة بالتعمير
إبتسم الرجل بخبث ومضي، يخبر السلطان بأن إمراة خرفة تريد جمع أبناءها، بعد أن بذلنا الجهد لتفريقهم، في طريقه قابل أخري
نظرت إليه بصقت بإزدراء في وجهه وقالت سب عليك الشوم، البوم
مسح بصاقها بيده غسلها من ماء السبيل، ضحك عليه النبي الخدر وقال له
ياحافر حفرة السو وسع مراقدك فيها
لسعته كلمات الخدر ومضي مهرولاً، وصل الي السلطان دخل عليه دون إستئذان، أخبرة بخير الام التي أتت لتجمع ابناءها الذين فرقوهم، إبتسم الكائن الأول
أقيمت حفلة كبيرة في وسط المدينة، إجتمع كل الناس، وبالطبع اتت الأم التي تبحث عن أبناءها تحمل قلبها النازف بين كفيها، لم تجدهم لكن وجدت مسوخهم، يلبسون الصديريات ويحملون السيوف، تراقصهم فتياتهم المتلفحات بالفراد والقرمصيص، يتبادلون حركة الأبل مع إخوانهم من الغرب برقصة تعتمد في إيقاعها علي سير البقر ، لايختلفون عنهم في الأزياء كثيراُ ولا الملامح تتراوح بينهم راقصات بجرجارهن الاسود الزاهي وراقصين بالجلباب الأبيض، تداخلت عليها ملامحهم ملابسهم سيوفهم ورقصاتهم، لم يخفق قلب أحدهم لما مرت من أمامهم، فصاحت أوقفوا الطبول والرقص، سكن كل متحرك في ذاك المكان الفسيح، أراد أن يهجم عليها القواد الذي وجدها في مدخل المدين ، نهره الكائن الأول أن قف
قلبها ينزف وخطواتها ثقيلة وقفت أمام البجاوي صاحب الدرقة والسيف نظرت في عينيه مليا وقالت:- ألم أرضعك ضؤ شمس التاكا مع الحليب؟
ثم إلتفتت الي صاحبات الجرجار الأسود ألم أحفظكن تاريخ أماني شيختو وانتن تحبون في معابدها، وانت ياحمي ظهري من وحوش الصحراء الضارية إلم أعيذك بتعاويذ الجبال التسع وتسعون
أين بقية إخوتكم ولماذا ترقصون ؟ هل لحصاد ؟ أم لتنصيب ملك عادل، ضحكت التي بصقت في وجه القواد
وقالت له:- الليلة جاتكم
مر نبي الله الخدر علي الجمع وقال لهم إجمعوا إخوتكم، عالجوا جرح امكم وإطردوا مفرقكم أقصد من بينكم، أعيدوا صيغة الجمع أو احيوها
ضحك الشيخ ثم قال: هل فكرت يوما في ملفوظ السلام ، انظري إليه يبدأ بالسين وهي صفير مهموس يخلق ويعبر عن إحساس الأمن والأمان والراحة النفسية فيرتفع اللسان ليضرب في لثة الفك الأعلى برقة تجعل الملامسة حنانا وإلفة لكنه سرعان ما ينفتح الفم ليشمل الخارج ضاما كل الكون برمزية عالية فتأتي الميم ضامة الشفتين على كون جميل في عناق سلس وهل أعمق من الاحتضان إحساس بالمحبة لنا أن ننظر لتعبيرنا عن الود والشوق والمحبة فلا نجد إلا العناق وسيلة لنقل كل ذلك دون كلام لذا لم يكن ممكن إلا أن نقول :سلام سلام
من هي ؟
ومن هم أبناءها؟
من حافر حفرة السوء؟
ماهي الحكمة المستفادة من الأحجية؟
علي هذة الأسئلة أطبق متابعي عم النيل أجفانهم.
بشكل آلي تحرك الجميع، حسام الي مكتبته باحثا في كتب التاريخ القديمة، طاهر الي مرسمه محاولا رسم ملامح الشخصيات محل الأسئلة، سماح الي بحث وتفسير ورصد كلمة السلام؛ سارية الي البحث عن النقيض للسلام؛ عساها تتعرف علي حافر حفرة السوء في الحجوة؛ هي الأكثر قدرة علي الإجابة.
في فيلا فيرناندو، أتوا بالطعام والشراب المغاني والمعازف، تقدم جينين لجوليانا رسميا، وسط اهلها وأصدقائها المنتمين الي القارة البعيدة، قبلت بالخطبة علي ان يتم الزواج؛ في وقت يختارونه لاحقا، وسط ذهول والدتها ومباركة ادم؛ زغردت رفقة وأهدي جينين مخطوبته جوليانا، خاتم الماس أتي به من المزدهرة، ساعدته رفقة في إختياره من متجر الكتروني للاحجار الكريمة والمجوهرات؛ في ختام الحفل غنت رفقة لجوليانا أغنية هدهدتها المفضلة لديها شاركها الحاضرين الغناء، إستمتع المدعوين وسيحفظون جمال هذة الليلة لأطول وقت ممكن.
في فكتوريا مازال جو وعواطف يتجولان في الشاطئ القريب من البحيرة، انشاءوا علاقات جميلة مع سكان المنطقة من القبائل الأصيلة، تناولوا معهم طعام العشاء لهذة الليلة، مكون من الأسماك الطازجة المشوية علي الفحم الحجري، متبل ببعض الأعشاب العطرية الطازجة أيضا، طعم الأكل الذي وجده جو هنا؛ لن يجده في مكان أخر من العالم، بعد تناول الطعام، إنضموا الي جلسة سمر، في دائرة كبيرة داخلها دائرة صغيرة من الفتيان والفتيات المعمدين، من سبحوا ضد التيار صباحا، استلقوا علي بطونهم في الأرض، قامت الجدة المياكايا، بدهن اجسادهم الناعمة اللامعة، بزبدة الشيا الأصلية، كانوا عراة إلا من الرحوط، في اوساطهم لتغطي مابين الصرة والركبة، علي صدور الفتيات سكسك منضوم بالوان محددة، تشير الالوان الي العمر والترتيب في الولادة، ويميز نوعية التدريب الذي ستتلقاه الفتاة، أما الفتيان فتغطي صدورهم قطعة من جلد اخر حيوان إصطاده قبل التعميد.



سارة حمزة الجاك / السودان

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى