أدب السجون وليد ابراهيم الهودلي - قضية الاسرى باروميتر القضية

هذا العنوان هو عنوان القضية .. لو قلت القدس باروميتر القضية لجاز ذلك ولو قلت تحرير الارض هو الباروميتر لجاز ذلك ولكن القدس والاقصى وتحريرالارض الفلسطينية هي التي دفعت هذا الانسان القابع خلف القضبان ليدفع أغلى مايملك لذلك فهو باروميتر القضية ، بمعنى انه اذا حظي بالاهتمام وكانت قضيته هما عاما للناس ، وبذلنا كل نملك من الغالي والنفيس لتحريره وخلاصه من الاسر كنا في خير ، أما اذا همشنا قضيته وضعف باسرانا الاهتمام وانحصر التضامن والمؤازرة على أهله وذويه وبعض الناشطين كما هو الحال الان فأمرنا في خطر .. اذا كان اسرانا في خطر فحياتنا كلها في خطر .. اذا كان اسرانا في تنكيل ومهانة فحياتنا كلها ذليلة ومهينة .. اذا تردت احوال اسرانا فنحن في الدرك الاسفل من البشر .. الأسير ليس فردا يسكن الزنازين وحسب! بل أسرة يقتات القلق والعذاب والفقد والألم من قلوبها! الأسرى الحقيقيون أضعاف الأعداد التي توفرها الاحصائيات .. الأسرى عنوان ودليل قاطع على أن حريتنا كشعب مسلوبة طالما ان سجونهم مفتوحة وتطال الاحرار فينا ..
سنعيد للوجدان بعض التعريفات في هذه الخطبة : ما الذي يعنيه الاسرى في حياتنا ؟ ما هو الحكم الشرعي والديني والوطني والاخلاقي في تحريرهم وبذل كل ما بالامكان في دعمهم ومؤازرتم ؟
ايها المؤمنون ، ايها القابضون على الحق ، ايها المتمسكون بالثوابت .. من يخطب بكم الان شاهد حي عاش مع الاسرى اربعة عشر عاما وكتب عنهم اربعة عشر كتابا ، ولا أقول ذلك فخرا ، بل خجلا لانني ساحاول نقل رسائل عمالقة من الرجال لا أرى نفسي الا قزما أمامهم .. فأنى لي القول بلسان حال الاسود المغاوير ثائر حماد ، عبد الهادي غنيم ، عباس السيد ، عبد الناصر عيسى ، كريم يونس ، لينا الجربوني ، مجرد أمثلة مناطقية وفصائلية " اترك لكم البحث عن قصصهم البطولية مع الاف مؤلفة من هذا الصنف من الرجال .. هؤلاء الذين نفروا خفافا وثقالا وجاهدوا في سبيل الله باموالهم وانفسهم ،، ساروا على طريق ذات الشوكة فما وهنوا وما ضعفوا وما استكانوا .. منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر أسيرا يقارع السجان بارادة لا تلين ، شهر ام شهران ، سنة ام سنتان .. نتحدث عن من قضى منهم اكثر من ثلاثين سنة .. انى للساني ان يكون قادرا على نقل رسالتهم .. ايتسع قلبي لنبضات قلوبهم المنهكة خلف ستائر العتمة ، أتقدر ارادتي حمل شيء من ارادة المرضى منهم التي تصارع الموت في مدافن الاحياء ، كيف لي أن ارسم البسمة التي ارتسمت على محيى ميسرة ابو حمدية بعد ان كان شهيدا للاهمال الطبي الممنهج أم كيف لي نقل ما جال في قلب عرفات جردات وهو يضرب الضربات القاضية خلف تلك الجدران العاتية ؟ ماذا عساي اقول بلسان لينا الجربوني التي تركوها وحيدة تصارع جدرانهم أم ماذا يقول لكم كريم يونس بعد ان أعدموا ثلاثين سنة هي قوام شبابه وأجحفت في حقه كل التسويات ؟؟ معذرة ايها الاسرى الاحرار في سجونكم أن يتحدث عنكم سجينا في حريته المزعومة : ثلاث رسائل أحاول قولها بلسان حالهم :
الرسالة الاولى لكل فلسطيني حر : اعلموا أن يوم الأسير هو يوم نؤكد فيه على شعبنا وقياداتنا التمسك بالثوابت الوطنية .. لماذا ؟ لأننا دفعنا نحن الأسرى أعمارنا عن طيب خاطر من أجل حرية حقيقية لا حرية مزيفة! نرفض أن تكون الثوابت الوطنية قرابين لاطلاق سراحنا ، نرفض بشدة أن يجري المساومة علينا فلسنا سلعة رخيصة تباع وتشترى ، إنما نحن قضية تحرر وحريتنا جزء لا يتجزأ من حرية هذا الوطن ..
أما الرسالة الثانية : فجهادنا داخل السجون هو جزء من جهادكم والعكس صحيح : نستمد قوة من قوتكم ونضعف اذا ضعفتم ، والرسالة هي لا تتركونا نقارع السجان بأمعائنا الخاوية وأيدينا المجردة من كل أدوات الصراع وأنتم تنتظرون الفرج وقد يكتفي بعضكم بالدعاء والتنفيس عن مشاعره الغاضبة، رغم علمه اليقين بان السماء لا تمطر ذهبا وان الدعاء يجب ان يكون مقرونا بالعمل ، لا تتركونا نقارع السجان وحدنا مع بعض المسيرات التي تمشي على استحياء .. نحن نحيي كل الاحرار ونقدر لكل من يقف معنا وقوف الرجال رغم القلة القليلة هذه الايام ولكننا نقول قول الله تعالى : ولو أرادوا الخروج لاعدوا له عدة ..ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين " شرح " لماذا نفرق بين واجب وواجب ؟ أو قد تتفوق السنة على الواجب جهدا ومالا وعطاءا .. كم عدد الحافلات التي تخرج للعمرة مثلا والالاف المؤلفة من المؤمنين ، منهم من قام بالعمرة عشرات المرات ولم يسجل في صفحته انه سار يوما من الايام في مسيرة دعم ومؤازرة لاخوانه الاسرى ، ثم يكتفي بالدعاء .. هذه مسألة تحتاج الى معالجة في فهمنا للدين : مالك بن دينار عندما كان سائرا للحج فوجد فتاة تأخذ دجاجة ميتة لتطعم اخوتها الايتام ، جمع مال الحج من تلامذته واعطاه الى الفتاة قائلا لهم عودوا الى دياركم لقد ادركتم الحج هذا العام .. انه فقه الاولويات : هل الواجب أن نقدم السياحة الروحية على مؤازرة الامعاء الخاوية ؟ رغم انها قد تكون سنة بينما مؤازرة ودعم الاسرى واجب ديني ووطني واخلاقي .. قال تعالى " لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة " "شرح " .. هناك فعاليات يمر عليها كثير من الناس وكأن الامر لا يعنيهم - هكذا ينقل الينا اهلنا الخبر وكم نراهم متألمين ؟؟ يجب ان نعيد الاعتبار للميزان الصحيح للاجر والحسنات " من نفس عن أخيه كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة " هل تدركون حجم الامل الذي ينبعث في نفوسنا ونفوس اهلنا عندما نرى المؤازرة كبيرة من شعبنا .. وكم هي الغصة في صدورنا عندما لا يرون الا نفرا قليلا .. نحن واياكم على جبهة واحدة فلا تتركونا أيتاما على مائدة أسوأ لئام عرفهم التاريخ .. نحن جميعا قضية واحدة وقضيتنا في نفوسكم باروميتر لفلسطين .. اذا ارتفعنا عندكم ارتفعت الحرية في نفوسكم وسرنا معا نحو فجر صادق قريب ..
ايها المؤمنون الاحرار : رسالتنا الثالثة : الوحدة ليست شعار كما اصبحت هذه الايام وهي ليست كلاما منمقا يجيده السياسيون والمتكلمون وكفى الله المؤمنين شر القتال .. اننا لا يسعفنا في سجننا الا وحدتنا ، وأنتم لكم سجن صنعتموه بأيديكم اسمه سجن الانقسام .. أنتم تحرسونه وتحكمون أقفاله وتغنون للسجان ..اننا واثقون بانكم لن تكونوا قادرين على تحريرنا الا بتحرركم من سجن الانقسام .. وما لا يتم الواجب الا به فهو واجب .. نريد خطوات عملية على أرض الواقع ، بتنا نلعن كل من يسهم في كلمة او تصريح يعمق فيه الانقسام .. نحن نخاطب عبر هذه الرسائل شعبنا بأنكم "كلكم راع وكل مسؤول عن رعيته" : لا تسكتوا عن اكبر المنكرات : منكر الانقسام .. حولوا مسيراتكم ووقفاتكم معنا لعنات على كل من يجر شعبنا للانقسام .. لان في ذلك تكريس لبقائنا داخل السجون .. هناك سجنان سجن نحن فيه يسجننا أعداؤنا وسجن ثان نسجن شعبنا فيه بأيدينا هو سجن الانقسام ..
ايها الاخوة المؤمنون : هكذا أحاول جاهدا ايصال رسالة الاحرار ما استطعت لذلك سبيلا


وليد ابراهيم الهودلي



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى