أ. د. عادل الأسطة - ازدحام المفكرة: "لولا أن محمدا هو آخر الأنبياء..."

طغى أمس على حائط الفيس بوك الخاص بمعارفي وأصدقائي فقرات تنعى رحيل الروائية الفلسطينية / الأردنية ، البيت ساحورية الميلاد العمانية الإقامة ، ليلى الأطرش ، فقد انتقلت صباح أمس إلى رحمة الله عن عمر يناهز الرابعة والسبعين عاما . وتكون ، خلال الأسابيع الأربعة الأخيرة انضمت إلى مجموعة من الأدباء والكتاب والفنانين الفلسطينيين الذين أسلموا روحهم إلى بارئها :
- المخرج نصري حجاج
- الأكاديمية والقاصة إلهام أبو غزالة
- الكاتب الشاعر والروائي محمد الأسعد Mohammed Al-asaad
- الأكاديمي والإعلامي القاص الدكتور سعيد عياد Said Ayyad
- الكاتب تميم محمود منصور
- الشاعر ماجد الدجاني .
ولم أشهد من قبل فترة مثل هذه امتلأت بها المفكرة بهذا العدد من الراحلين ، حتى أنني تذكرت قصيدة محمود درويش التي كتبها في العام ١٩٨١ يخاطب فيها أصدقاءه ، لكثرة من مات أو استشهد منهم ، أن يتوقفوا عن الموت ،فمن
" تبقى منكم يكفي لكي أحيا سنة
سنة أخرى فقط ،
سنة تكفي لكي أعشق عشرين امرأة
وثلاثين مدينة ...
.....
سنة واحدة تكفي لكي أحيا حياتي كلها " .
طبعا كان هذا قبل حلول الست كورونا وتشريفها ، إذ كانت حرية الحركة والتنقل أسهل بكثير مما هي عليها الآن .
ربما كان الخبر الأكثر إثارة أمس لأهل فلسطين كلها ، وتحديدا لسكان الضفة الغربية أكثرهم ، هو إقدام شاب في رام الله ؛ العاصمة الاقتصادية للسلطة الفلسطينية ، والآن العاصمة الثقافية لها وللمثقفين والكتاب الفلسطينيين ، إقدامه على هدم تماثيل الأسود في دوار المنارة وسط المدينة ، ساعيا إلى التخلص من الأصنام وعبادة الأوثان ، سائرا على خطى داعش في سوريا وطالبان في بلاد الأفغان .
كان الشاب ، كما أظهرت الصورة التي عممت ، أحضر فأسا أخذ يهوي به على رموز الشرك ، مستحضرا ما فعله سيدنا إبراهيم أولا والمسلمون الأوائل في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام ثانيا .
ولم يتوقف الشاب الذي تجمع حوله عدد من المواطنين ، لم يتوقف عن تحطيم تماثيل الأسود إلا عندما حضر شرطيان اقتاداه معهما إلى حيث لا أعرف .
عندما انقلبت حركة حماس على السلطة الفلسطينية في قطاع غزة كتب محمود درويش قصيدته التي ألبت عليه الحركة وأنصارها ، بعد تغزل في شعره المبطن الهجاء لاتفاقية أوسلو ، قصيدته " أنت ، منذ الآن ، غيرك " وفيها يقول :
" لولا أن محمدا هو خاتم الأنبياء ، لصار
لكل عصابة نبي ، ولكل صحابي ميليشيا "
و
" حار الفقهاء أمام النائمين في قبور متجاورة :
هل هم شهداء حرية ؟ أم ضحايا متناحرة في
عبث المسرحية ؟ حار الفقهاء واتفقوا على
أمر واحد هو : الله أعلم " .
وأنا ، بسبب ما نحياه في واقعنا العبثي السريالي ، حرت مثل الفقهاء ، فأمس اقترح علي الصديق Najeh Khalil ألا أظهر الصور السلبية لأبناء شعبنا الفلسطيني ، فثمة في مسيرته صور إيجابية مشرقة ومضيئة تبعث على التفاؤل ، ولا أنكر هذا بالطبع ولكن ... .
عندما سيطرت حماس على قطاع غزة استبدلت اسما آخر باسم مدرسة الشهيد غسان كنفاني ، ويا خوفي أنا ، مثل عبد الحليم حافظ ، من آخر المشوار الذي ابتدأ .
يبدو أن الشاب لم يقو على هدم الدولة الإسرائيلية ، ولم يقو على هز أركان مقاطعة رام الله ففش غله في التماثيل ، ومثلنا يقول " المسؤول فش غله في وأنا فشيت غلي في مرتي " و " اللي ما بقدر يركب الحمار بنط على البردعة " .
الحياة تخربشنا ولا فضل لي في خربشاتها إلا صياغتها .
صباح الخير
خربشات
١٨ تشرين الأول ٢٠٢١

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى