أ. د. عادل الأسطة - رجعت الشتوية

لعل أهم ما في يوم أمس من أشياء عشناها وشاهدناها هو تساقط الأمطار تساقطا حقيقيا . لقد ولد فعل الطبيعة هذا حالة فرح كبيرة يلمسها المتابع لوسائل التواصل الاجتماعي ، لا عبر الكتابة وإنما من خلال الصور ، وربما يعود السبب إلى سهولة التعبير من خلال الصورة وصعوبة وصف الحالة والمشاعر المصاحبة لها عبر الكتابة .
حفل شريط الصور في الفيس بوك بعشرات الصور التي تعكس حالة الفرح لدى المواطنين الذين يبحثون في زمننا الأغبر ؛ زمن الاحتلال الإسرائيلي والعجز العربي ، عن لحظة فرح لا يأتي ، فلا تحرير ولا استقلال ولا تغلب على الأوضاع الاقتصادية ولا فك لحصار غزة ولا عودة لاجئين ولا تغلب على ظاهرة القتل بالسلاح ولا وضع حد لحوادث الطرق ولا ... ولا انتصار ساحق ماحق على الكورونا .
ليس سوى الطبيعة ، على ما يبدو ، تملك سلاح الانتصار على قسوة أوضاعنا فتبعث فينا لحظات فرح نأمل ألا تنقلب إلى ضدها ، علما بأن أبناء شعبنا يكررون " اللي من الله يا محلاه " .
" رجعت الشتوية " ولسوف نصغي ، في الأيام القادمة ، إلى صوت فيروز يصدح " رجعت الشتوية " .
ربما يتذكر القراء قصيدة " أنشودة المطر " للشاعر العراقي بدر شاكر السياب ، فما مر عام إلا وتغيم فيه السماء وتهطل الأمطار ليشبع الغربان والجراذ ، ومع ذلك يزداد الفقر ويغنى الأغنياء ، وفي حالتنا تقل أرضنا وتعطش ليرتوي المستوطنون وتكثر مستوطناتهم وتتسع .
أمس وأول أمس تساءلت الصديقة Randa Sharaf عن سبب غياب خربشاتي ، فرددت عبارتي :
- لا تذهب إلى الكتابة . دعها تأتي ، فإن لم تأت فاشرب الشاي ودقق مسودات الكتب والأبحاث واقرأ باسم ربك الذي خلق .
أمس كان يوم فرح . لقد أمطرت السماء بعدما راودت فكرة تأدية صلاة الاستسقاء بعض من كادوا يقنطون من رحمة الله ، وكنت أرد على من كاد يفقد الأمل بالمطر بقولي :
- يبدأ فصل الشتاء في بلادنا في ٢١ كانون الأول ويستمر حتى ٢١ آذار . يعني فصل الشتاء لم يبدأ بعد ، والخير قادم إن شاء الله .
ربما انتظار هطول الأمطار سنويا هو الشيء الوحيد الذي يخالف مسرح اللامعقول .
منذ ١٩٤٨ ونحن ننتظر العودة إلى يافا وحيفا ، وصرنا مثل من ينتظر ( غودو ) في مسرحية ( صموئيل بيكيت )" في انتظار غودو " وأما انتظار المطر فلا عبث ولا معقول ولا ما يحزنون .
هل سيخرج الأطفال غدا ليغنوا في الشوارع :
- اشتي وزيدي ، بيتنا حديدي .
لم يقرقد خبزنا بعد في عبنا وإن قرقد فالبركة في الشاي .
عادل الاسطة
Adel Osta
صباح الخير
٢٠ تشرين الثاني ٢٠٢١ .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى