العباس بن الأحنف - اصرف فؤادك يا عباس ملتفتا

اِصرِف فُؤادَكَ يا عَبّاسُ مُلتَفِتاً
عَنها وَإِلا فَمُت مِن حُبِّها كَمَدا
إِنّي لَأَمنَحُ وُدّي كُلَّ ذي ثِقَةٍ
صِرفاً وَأَحفَظُهُ إِن غابَ أَو شَهِدا
عَصَيتُ فيها عِباد اللَهُ كُلَّهُمُ
مَن لامَني سَفَهاً أَو لامَني رَشَدا
لَم يُفقَدَ الوُدُّ مِن قَلبي لِمَفقَدِها
لَكِنَّ قَلبي غَداةَ البَينِ قَد فُقِدا
فيمَ البُكاءُ عَلى ما فاتَ وَاِنجَرَدَت
بِهِ اللَيالي مَعَ الأَيّامَ فَاِنجَرَدا
لَو أَنَّها مِن وَراءِ الرومِ في بَلَدٍ
ما كُنتُ أَسكُنُ إِلا ذَلِكَ البَلَدا
يا مَن شَكا شَوقَهُ مِن طولِ غَيبَتِهِ
اِصبِر لَعَلَّكَ أَن تَلقى الحَبيبَ غَدا
لَن يَستَطيعَ الفَتى كِتمانَ خُلَّتِهِ
حَتّى يُحَدِّثَ عَنها أَينَما قَعَدا
قَد كُنتُ أَكتُمُ ما أَلقى وَأَستُرُهُ
جُهدي فَأَزهَقَ شَوقي الصَبرَ وَالجَلَدا
حَتّى أَبانَ الهَوى ما كانَ يَستُرُهُ
ضَنّي بِها وَأَبادَ الروحَ وَالجَسَدا
إِنّي وَجَدتُ الهَوى في الصَدرِ إِن رَكَدا
كَالنارِ أَو فاقَ حَرَّ النارِ مُتَّقِدا
النارُ تُطفا بِبَرَدِ الماءِ إِن مُزِجَت
وَلَو مَزَجتَ الهَوى بِالماءِ ما بَرَدا
هِيَ المُنى لِيَ أَهواها وَأَطلُبُها
وَسائِرُ الناسِ يَهوى المالَ وَالوَلَدا
إِذا رَقَدتُ دَنَت مِن بُعدِها فَإِذا
أَصبَحتُ أَصبَحَ مِنها القُربُ قَد بَعُدا
أعلى