ديوان الغائبين ديوان الغائبين : حسن فهمي - مصر - 1895 - 1930

حسن فهمي.
ولد في مدينة الإسكندرية، وبعد عمر قصير أوى إلى ثراها.
قضي حياته في مصر.
تلقى تعليمه قبل الجامعي بالإسكندرية، ثم التحق بمدرسة الحقوق بالجامعة المصرية، بالقاهرة - حصل على درجة الليسانس عام 1920.
اشتغل بالمحاماة فافتتح مكتبًا بالإسكندرية، وحقق فيه نجاحًا مهنيًا.
كان عضوًا في جماعة شعراء الشلالات السكندريين (تأسست 1912) ذات الدور المؤثر في تطور حركة الشعر بالإسكندرية.

الإنتاج الشعري:
- له ديوان: «مرآتي» - مطبعة السلام بالإسكندرية 1923 (على غلاف الديوان: حسن فهمي - المحامي بالاستئناف الأعلى - يضم شعره من 1914 إلى 1919)، وله قصائد نشرت، ما بين 1914 و1924: في الأهرام، والبصير، والبلاغ، والأهالي.
شاعر غزل سلك إليه أكثر من طريق، ففي بعض تجاربه هو مقلد يستمد ذاكرة الشعر القديم، وفي تجارب أخرى يصور مواقف من ممارساته الشخصية، وفي الحالين
هناك طابع سردي حكائي يفرض سياق التجربة، ويقربها إلى المتلقي عبر تقنيات منها تكرار الصيغة في مطالع الأبيات المتعاقبة لتأكيد وحدة القصيدة، والحوار لتقوية
فاعليتها لدى المتلقي.

مصادر الدراسة:
1 - عبدالله سرور: في اتجاهات الشعر الحديث - الإسكندرية 1990.
2 - عبدالعليم القباني: رواد الشعر السكندري - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة 1972.
3 - نقولا يوسف: أعلام من الإسكندرية - الهيئة العامة لقصور الثقافة - القاهرة 2001.
4 - الدوريات: مقال لمحمد مفيد الشوباشي - نشرة مهرجان الشعر الرابع - الإسكندرية - نوفمبر 1962.

[SIZE=6] يا قلبُ فاذكرْ[/SIZE]

يـا دارَ زيـنـبَ فـي كفّ الـمقــــــــاديرِ
عفَّت معـالـمهـا هُوجُ الأعـاصـــــــــــيرِ
لـم تبقَ إلا خـيـالاً فـي مخـيّلـتـــــــي
مـا يستبـيـنُ بـهـا إلا بتفكــــــــــير
حكـمُ الزمـان عـلى الأشـيـاء قــــــاطبةً
محـوٌ عـلى إثر إفسـادٍ وتغـيـــــــــــير
حُيّيـتِ دارًا وإن أودَى الزمـانُ بـهـــــــا
لـيس الزمـان وإن أودَى بـمســــــــــرور
مـصـفـاةُ دهـرٍ إذا رام الـمـرورَ بـهــــا
عـادتْ لـيـالـيـه صـفـوًا بعــــــد تكْدير
يأيـهـا القَدَرُ الـمـنهلُّ صــــــــــــيِّبُهُ
عـلى الـبريِّةِ سـيلاً غـيرَ مــــــــــنظور
سـيلاً بـه الجـدْبُ أو سـيلاً بـــــــه رغدٌ
سـيلاً مـن النـار أو سـيلاً مـن النــــور
هلا سقـيـتَ ديـار الـحـــــــــــب غاديةً
هَطّالةً بنعـيـمٍ غـير مقـــــــــــــــدور
كـنّا بـهـا حقبةً والـدهـرُ فـــــــي سِنَةٍ:
شمـلٌ جـمـيعٌ وقـلـبٌ جــــــــــــدُّ مغرور
يـا طـالـمـا قـلـتُ والسُّمَّار قـد هجعـــوا
وأعقب الهَدْءُ أنغامَ الـمزامــــــــــــير
والجـو عِطران ممزوجٌ أريجُهـمــــــــــــا
عطرُ القِيـان وأنفـاسُ الأزاهـــــــــــير
والـحـبُّ مضطجعٌ قـد كـاد يغمـــــــــــرُه
ضـوءٌ مـن الفجـر فـيَّاض الـتبـاشــــــير:
إن فـاتَكَ اللـحْنُ مـن أنسٍ ومـن وتـــــــرٍ
فـاشـربْ هُديـت عـلى لـحنِ العصـافــــــير
وأطفئِ النـورَ إن الصـبح مقتـــــــــــربٌ
وصُبَّ فـي الكأس مـن صهـبـاءَ كـالنــــــور
لا تأسفـنَّ عـلى الـمـصـبــــــــاح تُطفِئُهُ
إن الكؤوسَ مـصـابـيحُ الـديـاجـــــــــير
إنـا شـربنـا فإن يسكرْ أخــــــــــو أفَنٍ
فـمـا سكرتُ ومـــــــــــــــا خِلّي بسكّير
دبَّت ومـا وقفت حتى إذا بـــــــــــــلغت
حـيثُ الـحـبـيبُ وأسـرار الضمـائـــــــير
خـفـنـا عـلىه فأمسكـنـا عــــــــلى مضضٍ
أمـا الفؤادُ فصـاحٍ غـيرُ مخمـــــــــــور
إلا غرامًا فإنَّ القـلـب فـاضَ بــــــــــهِ
حتى تبـيَّن حـبـي فـي أســــــــــــاريري
يـا حـبَّذا ذاك مـن دهـرٍ نعـمتُ بــــــــهِ
رغدٍ عـلى رغْمِه بـالخـير مأمـــــــــــور
لـم يبقَ مـنه سـوى الـذكرى فـوا أسفــــا
يـا قـلـبُ فـاذكرْ وهل يُجْديك تذكــــــيري


***

[SIZE=6] من قصيدة: بدءُ الحبِّ[/SIZE]
أبـدى العـلامةَ فـالـتقى الجـيشـــــــانِ
جـيشُ العزيـمة والغرامُ الجـانــــــــــي
حـربٌ سجـالٌ فـالعزيـمة والهـــــــــــوى
يـتعـاقبـان عـلى الفؤاد العـانــــــــي
العزمُ يُنجـده الـتَّفكُّر والهــــــــــــوى
قـد أنجـدَتْهُ بـلـحظهـا العـيـنــــــــان
فكأنَّ نظرته الخمـــــــــــــــــيسُ مُعَبَّأً
متأهـبًا لكريـهةٍ وطِعــــــــــــــــــان
جـرَّ الـحديـدَ ونُظِّمت خُطــــــــــــــواته
والـمـوتُ يـتبعه بكل مكـــــــــــــــان
لـيُقـلَّ مـن غُلَوائه فأمـــــــــــــــامه
عزمٌ يـهدُّ عزائمَ الأكـــــــــــــــــوان
عزمٌ كعزمة خـالقٍ ذي قــــــــــــــــدرةٍ
متحكِّمٍ فـيـنـا عـلى الأزمـــــــــــــان
فأقـام مـن دون الفؤاد حصــــــــــــونَهُ
مـا للِّحـاظ بِدكِّهـنََّ يـــــــــــــــــدان
لكـن وقفـنَ يُرِدنَ مـن حُرّاسهـــــــــــــا
ـــــــــــــــخَوْنَ الخؤون وغفلةَ الغ
إن اللـحـاظ وفعـلَهـنَّ كـمـا تـــــــــرى
جـيشٌ مـــــــــــــــــن السُّحّار والكهّان
فلقـد أصـبنَ مـــــــــــــن العزائم غِرَّةً
فضربنَ فـي آطـامِهــــــــــــــــا بِجِران
فتأجَّجت نـارُ القتـال وقـاتلــــــــــــت
حذرَ الغرام جـوارحُ الجثـمـــــــــــــان
فـي كل جـارحةٍ قتـالٌ قـــــــــــــــائمٌ
وكتـائبٌ ككتـائبِ الفرســــــــــــــــان
إنـي لأبصر كرَّهـم وفرارَهـــــــــــــــم
وأرى فعـال النـار بـالشجعــــــــــــان
نـار الغرام - ولا يصِبْك لهـيبُهـــــــا -
هـي والجحـيـمُ لـدى الهـوى ســـــــــيّان
عبثًا يحدِّثنـي الـمحدث أننــــــــــــــي
شَرِدُ الفؤاد مضلَّل الـوِجـــــــــــــــدان
فكأن مـــــــــــــــــــنطقَه وجُلَّ حديثه
لغطٌ كصـوت الـبـوم والغربـــــــــــــان
وأهـزّ رأسـي هــــــــــــــــزَّ مُصغٍ مدركٍ
للقـول مـن فصل ومـن هَذَيــــــــــــــان
ولقـد أسـائله لأوهِمَ أننـــــــــــــــي
صـاحـي القـريحة لست بـالنشــــــــــوان
ولقـد أكـاد إذا أطـــــــــــــال حديثه
أدعـوه يسكت دعـــــــــــــــوة الخجلان
عذرًا محدثـيَ الكريـمَ أمـا تـــــــــــرى
هـذا الجلـيسَ ومـا إلـيـه دعـانــــــــي
يـدعـو إلى طرح السلاح وطــــــــــــاعةٍ
وهـوًى دخـيلٍ فـي الـحشـا وهــــــــــوان
نَزْرُ الكلام تكلّمتْ ألـحـــــــــــــــاظُه
بـالسحـر مـن شِعـرٍ ومـن تِبـيــــــــــان
نزر الكلام كأنمـا ألفـــــــــــــــاظه
قَطْر الغمـام عـلى مدًى وتـــــــــــــوان
وكأنَّ وقعَ حديثه فـي مسمعـــــــــــــــي
وقعُ الفراتِ عـلى فـم الظـــــــــــــمآن
انظرْ إلـيـه فـمـا أشدَّ جـمـــــــــــالَهُ
وأشدَّ مـا فعـل الهـوى بجَنـانـــــــــــي
انظر إلـيـه فربـمـا عَلِقَ الهــــــــــوى
بـالقـلـب مـنك فقـاومَ القـلـبــــــــان
إنـي أحسُّ عزائمـــــــــــــــــي بإزائه
كـادت تكـون كعَزْمةِ الـولهـــــــــــــان
إنـي أحسُّ غرامه دخلَ الـحشــــــــــــــا
كـاللصّ يغنم غفلةَ السكــــــــــــــــان
وكأن مسـراه إلى حـيث انـــــــــــــتهى
مسـرى الـمدام إلى حِجــــــــــا السكران
يأتـي فـيـمـلأ مـنزلـي مـن نــــــــورِهِ
وأرى السـرور ولـو مضى يغشـانــــــــــي
مـا زلـت بعـد لقـائه وذهـابـــــــــــه
متـمتِّعًا بـالنـور واللُقـيـــــــــــــان
مـا كـنـت أحسَبُ قبـل ذلك أنَّ لــــــــــي
قـلـبَ الـمحـبِّ وخـــــــــــــفَّةَ الجذلان

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى